Got Thawra?
794 views
فمبروك مصر، من بعد المبروك اللّي باركناه لتونس، المباريك اللّي ناطرين نقولن للجزائر واليمن والبحرين والسودان والحبل عالجرار، وبإنتظار المبروك اللّي خايفين نقوله لمجتمعات وناس وأحرار كتار غيرن.
وهالمبروك شادّين عحالنا تنقوله مع العِلم إنّو ثورة الياسمين بعدها عم بتثور وثورة مصر صرخت بوج نظام فاسد ولحد هلّق ما سقط إلّا جزء منّه. إيدنا عقلبنا معكن وعنّا ثقة بالوعي اللّي صبّركن عالظلم، إنّو رح يصبّركن عاللّي عم بيجرّبوا يخطفوا الثورة منكن.
بس كل ما إرجع شوف صور مصر بتأثّر وبسأل حالي إذا أهل مصر واعيين شو حقّقوا عالمظبوط. التغيير السياسي بديهي، كل الدول العربية بدّا نفضة. بس مصر حققت وكسّرت وبنيت أفكار وأحكام مسبقة أكتر مما بقدر سيِّع بمقال واحد، متل إنّو:
– الخوف من التطرّف الديني ما بتبرّر الديكتاتوريات العلمانية (وهيدا الشي كمان برهنته تونس)
– الشعوب لو قد ما تفقر وتتبهدل وتنذل وتنجبر للأمية بتبقى قادرة على التحرّك والإبتكار والرفض
– الجمال والأحصنة والعربات ما بتنفع بوج الشعب لمّا توصل القصة لحدّا
– النساء المنقبات والمحجبات بيحبّوا بلدهن متلن متل غيرن، وبيفهموا بمصلحتن متلن متل غيرن، فمبقى يتفلسفوا علينا أشباه دعاة الحقوق الغربية
– لو قد ما يتم إستفزاز الشعوب، الثورة السلمية ممكنة
– إسرائيل ومصالحها آخر هم عقلبنا
– ما حدا عايز أحزاب سياسية تيشتغل سياسة
– حقوق الأفراد والعمال والنساء والأقليات الجنسية والجندرية لا بد أن تمر بحق الشعوب بتقرير المصير والعيش الكريم
– لو قد ما تزيد الشرطة… يا بترضي شعبك يا بتسقط
– الثورة لو قد ما توجّع بتضحّك
بس يمكن أغرب مظاهر الثورة المصرية كانت غياب الشرطة عن الشوارع المصرية، يلّي الأرجح كانت خطوة من النظام تيكعّي الشعب المصري. وبالإضافة للغياب الكلّي للشرطة، تم إطلاق الآلاف من المساجين والبلطجية* لترهيب وترعيب الناس.
كبّوا مولوتوف عالمتظاهرين، هجموا عالناس بالسكاكين والطوب، واغتصبوا نساء، وسرقوا ونهبوا، وحاولوا إشعال المتحف الوطني المصري… بس المتظاهرين ردّوا باللجان الشعبية** والصمود بالحجارة والطاسات المرتجلة والمي المغلية والكلوروكس.
أكيد كان في رعب ما بقدر أنا إتخايله من ورا الشاشة اللبنانية الآمنة. بس لو قد ما عشت ما رح إنسى نداءات المدونين لإعادة تنظيم الحشود لحماية المتحف الوطني، ولا بنسى لمّا رفقاتي النساء من مصر خبّرونا عن كيف بيّاتهن نزلوا يقطعوا الطرقات ويواجهوا البلطجيي المسلّحين بالنار، بالطوب وشلف الحديد والنباريش وثقتهن ببعض وبس. وكيف إمّاتهن خبّوا البنات تحت التخوتي وغليوا المي والكلوروكس وحملوا أكبر سكاكين المطبخ ونطروا عالباب…
لأ ما رح إنسى. أنا ما عشت الخطر ولا بادّعي إنّي عشته. متل ما مش ممكن إدّعي النصر اللّي حقّقوا المصريي لمّا تاني يوم الصبح نزلوا عالشارع، ورجعوا يقولوا لمبارك “إرحل”.
كانت صعبة، بس حميوا شوارعهن وبيوتهن وأحبّاءهم وصمدوا. واللّي بعد ما فهم روعة اللّي صار، بالعربي المشبرح، القاهرة أم الـ٢٢ مليون مواطن، ومصر إم الـ٨٠ مليون مواطن عاشوا بلا شرطة. ما بعرف إذا هيدا الشي صاير بالتاريخ المعاصر. بس الأكيد إنّو ما حدا توقّع هالإنجاز.
وهون بدّي طولة بال محبّي القوننة والتحكم، لأنّو لمّا شفت الجموع بميدان التحرير بعد ليلة الرّعب، وكمان أكتر لمّا يوم بعد يوم بقيت الشرطة مختفية، ولمّا سمعت تصريحات المتظاهرات إنّو بحياتن ما حسّوا حالن بأمان عقد ما حسّوا بميدان التحرير، الفكرة اللّي بقيت عم تبرم براسي كانت إنّو “عملوها ولاد النيل، عايشين بلا شرطة”، بلا القوة النظامية اللّي ما في مجتمع معاصر بيسترجي يعيش بلاها. وما رح فوت كتير بأفكار الفوضوية بس السؤال اللّي بيطرح نفسه، إذا غياب حسني مبارك ما وصّل الإخوان المسلمين لسدّة الرئاسة (مع العلم إنّو ثورة مصر خلّتني إحترم الإخوان المسلمين صراحة)، وإذا غياب الشرطة ما وصّل البلد للإنهيار، وإذا ١٨ يوم مظاهرات وإشتباكات خلّت ميدان التحرير أحلى وأنضف من قبل… يعني يمكن الأنظمة المبنية على الأحكام المسبقة والإفتراض إنّو البشر وحوش بحاجة للجام، يمكن هالأنظمة مبنية على أسس خاطئة؟
يمكن إنّو الأنظمة المقدِّسة للغيرية والتطبيع الجندري كمان غلطانة؟ يمكن وجودنا وهويتنا وحبنا ما رح يؤدّوا لإنهيار التوازن الكوني اللّي قاعد بين إجرينا؟ كم مرّة جرّبنا نحكي ونتواصل مع بعض الرافضين لتجربتنا وكان جوابهن “لأ، الله خلقنا مرا ورجّال” أو “لأ، هيدا الشي ضد الطبيعة” أو “لأ، مرا ومرا ما بيجيبوا ولاد” أو “لأ، هيدا شي مستورد”؟ وما تخافوا كل هالإتهامات نرفعت بوج الثوار بمصر (وبكتير ثورات محقة غيرا)، مبارك أصدر أوامر إنّو كل الأئمة يوعظوا بأوّل جمعة بضرورة طاعة الحاكم مثلاً، وكتير تم إتهام الثوار بالـ”أجندات الأجنبية”، وكتير قالوا إنّو من دون مبارك (أو النظام) البلد بينهار، والبلد ما انهار.
ولكل اللّي عم بيقولوا إنّو إذا بيتم تحرير الشعوب من الشرطنة الجنسية رح تنهار الدني وتصير كل الناس تنام مع كل الناس والإشيا وتكتر الأمراض وما يعود حدا يجيب ولاد، بحب طمّنهم إنّو ما في حدا غير اللّي خايف من مشاعره ومن رغباته ممكن يفكّر بهالطريقة. نحنا، متل غيرنا، أحرص الناس على أهمية الحب وقدسية المشاعر والأجساد، الفرق الوحيد هوّي إنّو نحنا منشوف قدسية الأجساد والمشاعر بشكل مختلف. ومش وحدنا نحنا، ذوي/ات الهويات الجندرية والميول الجنسية المختلفة، اللّي منجرّب ومنختبر، في الناس اللّي رافضة مؤسسة الزواج، في عاملات الجنس، في الناس اللّي بتخضع لعمليات التجميل لتوصل للمظهر اللّي بيعجبها، في الأمهات العازبات، في الناس اللّي بتصاحب وبتمارس الجنس خارج إطار الزواج، في البنات اللّي بتمشي بشوارع بيروت بالليل، في البنات اللّي بتلبس لبس جريء بمجتمعات محافظة، وفي البنات اللي بتلبس لباس محافظ بمجتمعات جريئة، وفي الأقليات العرقية والدينية الخ.
ما بحياته مجتمعنا خلي من هالناس الـ”غير” وما بحياته مجتمعنا انهار. لسخرية القدر، أكتر مرّة قرّب مجتمعنا للإنهيار كان بحرب الـ١٨٦٠، حرب الـ١٤، والـ”أحداث”، كلّا كانت صراعات طائفية وسياسية، ولا مرّة كانت صراعات تحرر جنسي. ومن بعد كل مرّة كنّا نطلع من الحرب كانت تتشدد البوليسية على الحياة الشخصية، وولا مرّة التحرر الجنسي وصّلنا للحرب والقتل عالهوية.
وأهمّ شي، مش نحنا اللّي منهدد رفاه الأطفال وتوازن الأوطان والأكوان، الخطر الفعلي هوّي العنف الجنسي والأسري والعائلي. نحنا منحب حالنا وشركاءنا، وبدنا نبني حياتنا على أسس صحية وعادلة. واللّي مقتنع إنّو الإغتصاب الأسري (المغاير)، والعنف الذكوري (المغاير)، وشرطنة الأجساد (المغايرة)، هنّي الأوضاع الطبيعية، فهوي اللي لازم يراجع حساباته.
لمّا كانت البروباغاندا والتعتيم الإعلامي بأوجّن، سألت صديقة إذا فعلياً ومنطقياً حدا بيصدّق الكذب اللّي بينشره الإعلام الحكومي، قالتلي “إي للأسف، بس بالآخر كل شي بيبيّن”. وهيدا شعوري كل ما إسمع السم اللّي بينكب عالـ”شاذين” والـ”شاذات”. جايي النهار اللّي متل ثوار مصر بتصير أزمة وبالغلط منبرهن للعالم إنّو إنهيار نظام التطبيع الجنسي والجندري ما بيأدّي لإنهيار المجتمع وإنّما لولادة مجتمع أكثر توازناً، أو عالقليلة عالم في أمل للعدالة الإجتماعية. وبالآخر كل شي بيبيّن.
متل ثوار مصر نحنا بدنا كرامة وحرية وعدالة إجتماعية، إنتو شو بدكن؟
Leave a Reply