!اذا مع بنت غير… اذا مع شاب غير
455 viewsعندما كنت في صف الروضة، أراني صديقي عضوه قائلا شوفي شو عندي! فوضعت اصبعي منتصبا على شكل عضو ذكري بين فخذيّ وقلت له: وأنا شوف شو عندي!
يومها عدت الى المنزل وسألت أمي لماذا لا أملك عضوا كصديقي، فضحكت وقالت لي “بكرا بيطلعلك”. صرت أنتظر أن ينبت لي عضو كل يوم، وأدخل الى الحمام كل قليل لأرى ان كان عضوي قد ظهر أم بعد. كنت دائما أصر على أن أقص شعري قصيرا وأن أرتدي الملابس “الصبيانية” وألعب بالجنود البلاستيك وال”تركس” وغيرها، ولم أقبل يوما بارتداء فستان أو اللعب بال”باربي”، كما بدأت في تلك المرحلة أعي أنني أنجذب الى الفتيات. أذكر مرة كان لدينا حفلة في المدرسة وكان هناك رقصة لعب فيها الصبيان دور “كاوبوي” والفتيات دور “الفتيات الناعمات”، وقد أصررت يومها على أن أكون ال”كاوبوي” وكان لي ما أردت!
لطالما كنت مختلفة جدا عن أخوتي وأخواتي، ولم أشبههم/ن يوما في تفكيري أو طباعي. مع مرور الوقت، اقتنعت أنه لن ينبت لي “عضو ذكري” وأن جسدي الأنثوي سيظل كما هو. كما العادة، كان أفراد عائلتي ينادونني ب”حسن صبي” و”رجال البيت” ويتكلمون عني بصيغة المذكر مثلا “اجا حسن صبي وراح حسن صبي”. لكني كنت عنيدة جدا، ولم أقبل يوما بتغيير شكلي أو تصرفاتي من أجل أحد أو كي أرضي من حولي. وبما أني كبرت في زمن الحرب الأهلية اللبنانية، فقد ساهمت هموم الحرب ومآسيها في تشتيت تركيز أمي علي والحد من تعليقاتها على مظهري لا سيما أننا كنا أربعة أولاد في المنزل. أما بالنسبة الى المدرسة، فقط كان ارتيادنا لها متقطع بحسب فترات السلم والتوتر، فكانت هموم المدرّسين والمدرّسات أكبر من أن تسمح لهم بالتركيز عليّ وعلى شكلي.
في عمر المراهقة، بدأت أميل أكثر الى التشبه بالفتيات الأخريات، فتغير شكلي تماما وبت أرتدي الملابس “البناتية” وأنتعل الكعوب العالية وتركت شعري يطول الى ما تحت كتفي وصرت أهتم بالماكياج وأدرم أظافري بشكل منتظم وأقضي وقتا طويلا أمام المرآة. كانت أسباب هذا التحول متعددة، فمن جهة أعجبني شكلي الجديد، لا سيما أني كنت أخرج مع الشبان في تلك المرحلة وأردت لفت نظرهم الي بالطريقة التقليدية المعتادة، ومن جهة أخرى بدأت أرتاح من الضغوط الاجتماعية التي كانت ترافقني دائما وتزعجني بسبب شكلي في المدرسة والشارع وغيره.
عندما بلغت التاسعة عشر من العمر، وقعت في حب فتاة وأخبرت أمي عن ميولي الجنسية التي اكتشفتها حديثا في ذلك الوقت. كما في كثير من الأحيان، بكت وأخبرت أبي وأخوتي عن الأمر فقرروا أن يصطحبوني الى معالجة نفسية على اعتبار أن ميولي للفتيات هو مرض هرموني أو نفسي. وقتها، قالت المعالجة لوالديّ بعد ثلاث جلسات أن عليهم تركي أعيش حياتي كما أريد وأختبر مشاعري وتجاربي من دون ضغوط. رفضوا الأمر يومها وفرضوا علي حصارا في المنزل وصاروا يراقبون الأماكن التي أزورها والأشخاص الذين ألتقي بهم ومنعوني من رؤية حبيبتي في ذلك الوقت.
بعدها، تطورت حياتي العاطفية بطريقة دراماتيكية اذ أحببت شابا وتمت خطوبتنا في الكنيسة وكنت على وشك الزواج منه لكني شعرت بالخوف من تلك الخطوة وبالحنين الى حبيبتي وبنوع من الضياع العاطفي، وصارت تكبر المشكلات بيننا الى أن قام بضربي ففسخت الخطوبة وعدت الى حبيبتي. ويبدو أن مظهري أو طريقة تعبيري عن الجندر تختلف باختلاف الشريك أو الشريكة التي أكون معها. اذ حين أكون مع شاب يتحول مظهري تلقائيا ليصبح “أنثويا”، وحين أكون مع فتاة يتغير مظهري وأعود الى الشكل الذي أرتاح فيه والذي يعبر عني أكثر. لقد كنت كذلك منذ طفولتي وما زلت كذلك، وأنا أؤمن أن الناس لا يتغيرون.
المهم. في بداية العشرينات، عاد مظهري ليتحول من جديد الى ما كان عليه في أيام الطفولة وما قبل المراهقة. فقصصت شعري قصيرا، وعدت الى اختيار ملابس “مش بنّاتية” فصرت أرتدي “t-shirt” مثلا وهو ما لم أكن لأرتديه أبدا في المرحلة السابقة. كذلك بات الوقت الذي أقضيه أمام المرآة يقل شيئا فشيئا لأني لم أعد أشعر برغبة في ذلك. مع الوقت، أخذ أهلي يلاحظون التحول الحاصل في مظهري وصاروا يسألونني عن السبب فأتذرع بأن وزني قد زاد وأني أختار الملابس الواسعة لأخفي الوزن الزائد، وأقول لهم أني سأعود الى شكلي السابق عندما أنحف ويخف وزني.
عندما أسير في الشارع، أسمع عبارات التلطيش العادية كأي فتاة أخرى. لكن هناك بعض المرات التي شعرت فيها بأني غريبة ومختلفة في مكان عملي السابق، اذ كنت الوحيدة التي لا أنتعل الكعب العالي ولا أصفف شعري وأضع مساحيق التجميل، فكان هناك نوع من التمييز ضدي دفعني في النهاية الى ترك العمل.
حاليا، أنا مرتاحة بشكلي وملابسي وطريقة تصرفي كثيرا، لا سيما بعد أن انضممت الى “ميم” وتعرفت الى كثيرات جعلنني أتصالح أكثر مع جسدي كما هو، وأتوقف عن الهوس بشأن وزني وحرمان نفسي من الطعام والشعور باليأس والاكتئاب بسبب الوزن الزائد. صار تفكيري مختلفا جدا. اليوم، أعيش وحدي، لكني كلما ذهبت لزيارة أهلي يعلقون على مظهري ويطلبون مني أن أغيره ل”أشبه الفتيات”، فهم ما زالوا يتوقعون أن أتغير وأن “أخرج من هذا ال phase” لأعود الى “طبيعتي”!
- “سمرا”، قابلتها “عشتار”
Leave a Reply