أطفال القمر”: المتحولون/ات والثورة – الجزء الثاني”

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (No Ratings Yet)
Loading ... Loading ...

349 views

 

لقراءة “أطفال القمر”( الجزء الأول)

تكمن القيمة الأسمى للمتحولين/ات في كونهم يكسرون الفكرة الأزلية التي تربط الجنس البيولوجي بالجندر، وتجعل الثاني نتيجة للأول بشكل بديهي، فهم/ن يؤكدون أن الجندر هو خيار مبني على منظومة أحاسيس وأفكار ونظرة ذاتية للنفس وللهوية الشخصية والجندرية والجنسية. وفي هذا الخيار وحده، يعلن المتحولون/ات الثورة كل يوم، ويحطمون التابوهات ويتعرضون للمخاطر والرفض والكراهية والجرائم، لأنهم “يختارون” ولا يخضعون لما هو موجود ومفروض.

أما الثورة الثانية التي يصنعها المتحولون/ات كل يوم، فبتأكيدهم/ن أن الجندر منفصل تماما عن الميول الجنسية من خلال قصصهم/ن وممارساتهم/ن وتجاربهم/ن. فهناك عدد غير قليل من المتحولين الذين يميلون للرجال، ومتحولات يملن الى النساء، وهذا  يعزز مواقف الحركة المثلية والمثليين والمثليات في نضالهم/ن اليومي لاثبات الانفصال التام بين الجنس البيولوجي والجندر، والميول الجنسية.

بعيدا عن القصص الخيالية والفانتازم والشهوات التي تدور حول المتحولين/ات، والنظرة السائدة اليهم على أنهم/ن “كائنات ليلية”ذات قدرات جنسية خارقة، بعيدا عن هذا، تكمن قوى خارقة في داخل هؤلاء، لا يمكن لأحد نكرانها. فهذا الاصرار والقدرة على التحمل والصبر والاستمرار التي يتمتع بها المتحولون/ات، بالإضافة الى عددهم/ن غير القليل، تجعل منهم/ن “كائنات ثورية” لا بد أن تكون عناصر أساسية ورئيسية في عملية التغيير وفي النضال من أجل الحقوق والحرية (يعني أكتيفيزم).

لكن السؤال: لماذا نلحظ غيابا نسبيا للتحولين/ات على ساحة النشاط السياسي؟

الاجابات متعددة والتشخيصات متنوعة. لكن باختصار، هناك مجموعة أسباب منها: الظروف المادية الصعبة جدا التي يعانيها المتحولون/ات عادة، ما يدفع بهم/ن للانصراف الى العمل وترك النشاط السياسي – الظروف النفسية الصعبة جدا التي تدفع بهم/ن للانزواء والخوف والاختباء في كثير من البلدان لا سيما حيث يجرم القانون “الأشخاص الشاذين” – رهاب المتحولين/ات أو “الترانسفوبيا” الذي يتفشى في كثير من الأحيان في أوساط المثليين/ات وداخل حركاتهم/ن السياسية.

ان هذا التمييز ضد المتحولين/ات من قبل المثليين/ات يشبه حال من يطلق النار على غيره فيصيب نفسه. انها عملية انتحار. كيف يمكن لنا كأحرار الجنس الذين/اللواتي نطالب يوميا من خلال نضالنا ب”حرية الاختيار” و”حرية الحياة والعيش” و”حرية الميول الجندرية والجنسية”، أن نرفض من هم/ن في صلب هذا النضال، ومن يحملون صلبانه ويطبقون نظرياته؟ هل نحتمل كحركات سياسية، خسارة وفقدان هؤلاء بكل ما يحملونه من قيم ثورية؟ وعلى أي أساس نصنف أنفسنا “شاذين من الدرجة الأولى”، ونصنف المتحولين/ات على أنهم “ملحقين/ات” بنا، أو حتى “يشوهون سمعتنا”؟

وهذا التمييز قد لا يطفو على السطح أحيانا، لكنه قد يكون موجودا في داخل كل حر/ة الجنس، على شكل نظرة دونية للمتحولين/ات أو نظرة شفقة، أو عدم فهم. وقد تأتي هذه النظرة نتيجة غياب الوعي بمسائل الجندر/الجنسانية، وفي هذه الحال، على كل ناشط/ة تثقيف نفسه/ا، كما على كل حركة سياسية تثقيف أفرادها، لأن عدونا الأول هو جهلنا بأنفسنا وببعضنا.

لكن أود أن أضيف أمرا هنا. قلنا في الجزء الأول من هذا المقال، أن على الرغم من عدم ايماننا بالجندر، إلا أن وجود المتحولين/ات في عالم مجندر جدا، هو أمر مفهوم وحق طبيعي وحرية شخصية بحتة لكل انسان/ة. كما قلنا في هذا الجزء أن قيمة المتحولين/ات تكمن في ثورتهم/ن على مفاهيم هذا العالم الجندرية. لكن للأسف، هذه القيمة الثورية قد يكون لها مفعولا عكسيا، وقد تنقلب قيمتها الى قيمة سلبية نتيجة وجود بعض المتحولين/ات الذين/اللواتي يعيدون إنتاج الصورة الجندرية النمطية سواء لل”رجل” المتحول أو “المرأة المتحولة”. فنجد مثلا رجلا متحولا يحمل في داخله كل “القيم” الذكورية والتقليدية المتخلفة ويسقطها على النساء من حوله، أو امرأة متحولة تصر على  المبالغة في تأكيد “أنوثتها” من خلال الخضوع للمعايير الجندرية التقليدية “للأنوثة” سواء بالمظهر أو الممارسات.

ان هذه الحالات هي حالات سلبية تعيق التقدم الذي نحرزه كحركات سياسية ونسوية في كثير من الأحيان، وتعيد إنتاج الصور النمطية التي تأسر الإنسان/ة، وتعيد توزيع الأدوار الاجتماعية المفروضة بحسب الجندر، وتوسع الفجوة بين المتحولين/ات وحركات أحرار الجنس والحركات النسوية.

انها مسؤوليتنا جميعا، أحرار وحرات الجنس، ومتحولين/ات ناشطين/ات، أن نؤمن جوا صحيا ومناخا مشجعا للمتحولين/ات  الموجودين/ات خارج الساحة، ليلتحقوا بمسيرة النشاط السياسي لأن خارطة الثورة لا تكتمل إلا بجميع مكوناتها. كما أن مسؤوليتنا كحركات سياسية، نشر الوعي الصحيح بمسائل الجندر والجنسانية، لدى أفرادنا ولدى أفراد المجتمع المحيط بنا.

فليأت يوم، يجتمع فيه “أطفال الشمس” و”أطفال القمر” و”أطفال الأرض” مجددا، في نضال واحد من أجل الحرية الانسانية ورفع الظلم والاضطهاد الذي يجلدنا به “زيوس” المجتمع والدولة والسماء، كل يوم.

samira
Aphrodite likes to drive fast. Real fast. Whether behind the wheel, behind her computer, or behind a plate of a double cheeseburger, fries, and a side order of pasta salad, Aphrodite is moving 100km a minute. A journalist by training and a poet by passion, Aphrodite does not believe in suntan lotion, aspirin, or dishonesty. But she does believe in Bekhsoos. Very much.

Leave a Reply