الثورة الجنسية قادمة؟
3,077 views
لطالما شكلت مسألة الحرية الجنسية والحرية الجسدية نقطة حساسة وأساسية في صلب العادات والتقاليد والأديان عبر العصور، وكانت موضع جدل وأخذ ورد طويل بين رجال الدين من الأديان المختلفـة، وداخل الدين الواحد، وكذلك المفكرين والمفكرات العلمانيين والعلمانيات والنسويات.
فالمسيحية مثلا، قطعت شوطا كبيرا وطريقا طويلا عرفت فيه قمة الكبت والضغط والقيود الجنسية في العصور الوسطى. لكنها نجحت في تخطي ذلك في جزء كبير من الدول العلمانية، وحتى لدى المؤسسة الدينية الكنسية. ففي السويد مثلا، باركت الكنيسة البروتستانتية مؤخرا، الزواج بين المثليين والمثليات.
ويرى القس الهولندي بيرل فان دونك أن المسيحية لجمت لقرون عديدة الشهوة الجنسية، مما تمخض عن ثورة جنسية تكللت بفوز الإباحية في المجتمع الغربي، معتبرا أن مثلما يولد الجوع ثورات اقتصادية وسياسية، فان الجوع الجنسي سيولد ثورات جنسية في المناطق التي يسود فيها الكبت الجنسي. ويعتقد دونك أن الثورة الجنسية قادمة في البلدان الإسلامية وفي الصين أيضًا.
كذلك يشير القس دونك الى أن المثليين والمثليات ليسوا ملحدين، بل منهم أناس مؤمنون بالله والمسيح ويمارسون طقوس العبادة والصلاة.
وفي اطار الحديث عن الحرية الجنسية في العالم الإسلامي، صدر كتاب جديد للكاتبة الألمانية التركية الأصل سيران أتيس، في ألمانيا، يدعو إلى “ثورة جنسية في العالم الإسلامي بعد أن اندلعت هذه الثورة على الصعيد الشخصي للأفراد وان بشكل مستتر وخفي.
ويتطرق الكتاب مجدّدًا إلى موضوع أثار لغطًا كبيرًا بين مفكّرين إسلاميّين وعلمانيّين من الشرق والغرب على حد سواء، بين من يدعو إلى التحرّر الجنسي ومن يعتبر أن العالم الإسلامي يجب أن يتصدى بقوة لإباحية بدأت ملامحها تظهر في بعض البلدان الإسلامية.
وتدعو الكاتبة سيران أتيس، المسلمات إلى الاستقلال في القرار بشان حياتهن الجنسية، داعية في الوقت ذاته العالم الإسلامي إلى ثورة جنسية هو في أمس الحاجة إليها للقضاء على تبعية المرأة الجنسية للرجل والدين والعادات الاجتماعية. وتقول أتيس في كتابها أنها منذ ولدت ينتابها شعور أن بين ساقيها منطقة محرمة ومن المفروض ألا يكون لها وجود، وكذلك الذكور بحسب أتيس، يشعرون أن من المعيب أن يكون لهم أعضاء جنسية.
وترى أتيس أن الثورة الجنسية التي اندلعت في العالم الإسلامي على الصعيد الشخصي للأفراد وان بشكل مستتر وخفي، يجب أن تعم في كل مكان من العالم الإسلامي لكي يتحرر أفراد هذا المجتمع من القيود والكبت ويلحقوا بركب المجتمعات المتطورة والمنفتحة التي تشغل تركيزها على التطور العلمي وغيره من القضايا الكبرى، بدلا من انشغالها باضافة مزيد من القيود على جسد المرأة والرجل.
وكان الباحث المغربي البروفيسور عبد الصمد ديالمي في حديث له العام الماضي لإذاعة هولندا العالمية، دعا إلى الحق في المساواة الجنسية بين الذكر والأنثى، داعيًا إلى قراءة النصوص المقدسة بما يتلاءم وروح العصر. وقال ديالمي إن كل النصوص قابلة للتأويل، وأن الإيمان والعقائد لا تلزمنا كمسلمين باستخلاص الشرائع من الكتاب والسنة.
كذلك دعا ديالمي إلى ما أسماه بال”حداثة الجنسية” التي تقوم على المساواة في الحقوق الجنسية بين النساء والرجال، بين المتزوّجين وغير المتزوجين، بين المتغايرين والمثليين.
ورأى ديالمي أن الإنسان حين يجوع جنسيًا، وحينما يكون محرومًا من المتعة الجنسية، فإنه يتحول إلى شخصية أصولية، متشددة رافضة للابتسام، رافضة للعيش، يمكن أن تفجر نفسها ضد الآخرين.
كذلك اعتبر ديالمي أن النصوص الإسلامية لا تقبل بهذه المساواة ظاهريًا ونصيًا. فالنصوص الإسلامية تعطي فقط هذه الحقوق للمتزوج دون الأعزب. كما أن الجنس المقبول والسوي هو الجنس بين المرأة والرجل، أي الجنس المتغاير. أما الجنس بين الرجل والرجل وبين المرأة والمرأة فهو جنس مرفوض. لكن ديالمي يرى أن كل نص قابل للتأويل، ولا بد من تأويل النص في والاجتهاد في اتجاه المساواة (سن الزواج مثلا)، والفصل بين الإيمان والقوانين.
ورأى ديالمي أن قراءة النصوص من طرف النساء محددة، ليس انطلاقًا من الجنس بل انطلاقًا من المنظور. فالنساء ’النسويات‘ يقرَأْنَ النصوص انطلاقًا من قناعات خاصة بالمساواة، ويجدن هذه الاخيرة في النصوص القرآنية وفي السنة. أما النساء ’الإسلامويات‘ فهن يرفضن مبدأ ’المساواة بين الجنسين‘، ويقلن فقط بمبدأ ’العدل بين الجنسين‘، أي أن للمرأة حقوق وللرجل حقوق وهذا هو العدل. وبالتالي حينما تكون المرأة ’الإسلاموية‘ غير مقتنعة بمبدأ المساواة، فإنها لن تبحث ولن تجد المساواة في النص المقدس.
لكن هل تبدو الثورة الجنسية من أجل المساواة، أمرا ممكنا، في وقت ما زالت الكاتبات النسويات يتعرضن لتهديدات بالقتل اذا ما ذكرن شيئا ما عن الحياة الجنسية للنبي محمد ؟
فها هي الكاتبة بسنت رشاد سهلا، تضطر إلى ترك منزلها الكائن بأحد الأحياء الشعبية في الإسكندرية والهروب الى القاهرة عقب تلقيها تهديدات بالقتل بسبب كتابها (الحب والجنس في حياة النبي).
فهذه الكاتبة الشابة في أواخر العشرينيات، والتي ترتدي ما يسمى أحيانا بالحجاب العصري، ترى في حياة النبي ا ملك للجميع تقول “لابد أن نقترب منه ولا نصل به إلى مرحلة التقديس “.
و تشكك بسنت بعدد هائل من الأحاديث المشكوك في صحتها، التي تظهر النبي وكأنه ذو قدرات جنسية خارقة.
غير أن أصواتا اسلامية أخرى، كالداعية الإسلامي جمال البنا، ترى أن لا حساسية في الإسلام من تناول الجنس والعلاقة الجنسية.
من جهة أخرى، يرى البريطاني الايراني الأصل سلمان رشدي في اطار الحديث عن الحرية الجنسية والاسلام، أن الغرب أخفق في فهم أن أحد أسباب التطرف الإسلامي يكمن في خوف الرجال من الحرية الجنسية للنساء.
لكن هل يمكن فعلا الحديث عن “ثورة جنسية” أو “حرية جنسية” في عالم اسلامي يعج بالأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنزاعات الطائفية والصراعات والحركات المتشددة؟ وهل يأتي يوم تمنح فيه المرأة والرجل حقوقهما الجنسية الطبيعية، ويسمح فيه للمثليين والمثليات بالزواج الديني الإسلامي؟ أسئلة كثيرة، وأحلام كبيرة.
Leave a Reply