مدرستي اللي كنت فيها “غير”

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (1 votes, average: 5.00 out of 5)
Loading ... Loading ...

689 views

 

مدرستي اللي كنت فيها “غير”

 

طلعة النويري، فوق المحكمة الجعفرية، بوجه سوبر ماركت “مصطفى”، هونيك كانت مدرستي. بتذكر لما كنت روح مشي من سليم سلام للمدرسة  نتلاقى حد كرواسون الفاروق نجيب الترويقة ونكمل.

مهضومة كانت هيديك الإيام وشوي غريبة. كنا كتار بالمدرسة، حوالي 1500 تلميذ، وما في شي بميزها عن غيرها من المدارس إلا إنها كنت “للإناث فقط”.

غريبة هيديك الايام لأنو كنت حس إنو أنا غريب، مع إنو كنت أشهر شخص بالمدرسة وبعرف الكل ( ما تسألوني عن الأسامي مش حافظهن!) بس وين ما كنت إمشي كان في ناس تناديني لإقعد معها. 

غريبة كانت هيديك الايام، لأن ما كانت فهمان أنا مين. كنت حس حالي غير وشوف حالي غير، وحتى بنات المدرسة كانو  يشوفو شي غير فيني، بس ما حدا عرف يفسرو ولا حتى أنا. 

بتذكر حصة الفلسفة، وقديش ما كانت حبها، مش بس لأنو ما كنت حب المادة بس كمان ما كنت حب المعلمة، وما كانت إفهم إنو  كيف معلمة ذات أفكار فلسفية بتستعمل الله كجواب أو حجة علمية. 

بتذكر حصة التاريخ وقديش كان استاذنا يبزق وتوصل الطرطشة لتالت طاولة لورا. وبتذكر كمان كيف كانت عينو بيضا وكيف كان ما يخلي بنت ما يطلع فيها من فوق لتحت. وبتذكر أنا كانت الوحيد اللي ما يطلع فيني بهالطريقة. ما بعرف ليش، بركي لأن كان كمان شايف شي غير ما فاهمو ومستوعبو، بس كان يعيطلي “أبو علي المدرسة” ويعاملني بطريقة غير، ما كنت إفهم سببها إلا لفترة قريبة.

وأكتر شي بيخطر ببالي حصص الدين وقديش كنت اتحارج أنا ومعلمة الدين لما كنت قلها إنو كلنا بمحل من المحلات فينا نكون الله، وهون نزلت السما عالأرض متل ما بقولوا (وما تسألوني مين اللي بيقولوا ما بعرفهن!). 

كنت إنبعت بهيك حالة عند الناظرة العامة اللي كانت تشوفني وتفرط ضحك لأن بتذكر إنها كانت شيوعية، بس كانت تقول إنو هون مش محل لهالأفكار إللي بتخرج عن الإطار الديني. وأنا كنت قول إنو مبلى، هلق وقتها قبل ما تسكّر عليهن الملفوفة. وعلى وقع الحديث بتفوت امي وبتجئرني هونيك جأرة، وبتضحك الناظرة مرة تانية وبتقلها لأمي: انو كل عيلتكن هيك مشكلجية؟ وماما بتقول إنو مش وقت هالمشاكل، فأنا دغري بتطلع بالناظرة وبقلها: شفتي كيف؟. وكان قصدي وقتها إنو هيك رح يصير اذا منسكت دايما، رح يصير الكل معمي قلبن متل امي. 

كمان بتذكر حصة الرياضيات، كنت إنطرا مناطرة كمان متل ما بقولوا، ما كان الاستاذ يستعمل إسمي، بخلال السنة الدراسية، كان يناديني بس بعيلتي، وشو كان يعصب ويصرخ ويكفر. بس اتذكرو بتضحك. كنا نخاف منو كتير، مش خوف بركي وانما إحترام. وبتذكر لما اخر السنة قعدنا سوى عم نتحدث، وسألتو كيف قرر يعمل استاذ رياضيات، فحكالي القصة عن لما توفى بيو وإضطر إنو هو يشيل مسؤليات العيلة. وبتذكر كيف دمعوا عيونو، وعرفت إنو فيك تبين قوي من برا بس لتخبي نوع من المشاعر والضعف. 

وبتذكر الدرج اللي بالملعب وين كنا نقعد وناكل، وكيف كان في بنات لئيمين ويحبو يحكوا ع بعض وعلى غيرهن. وبتذكر كيف كان في كتير يسألوني إنو ليش ما بتصرف وبلبس متل ال”بنات”، كنت قلن إنو أنا هيك مرتاح مع حالي وما حدا خصو.

وبتذكر كيف هالايام خلصت وصرت بالجامعة وصار وقت اكبر، رغم إنو أنا كبرت من زمان. بتذكر كيف تغيرت حياتي وقت اكتشفت مين أنا، وكيف كل شي صار معي قبل صار إلو معنى أكبر مما كنت شايفو.

وكل مرة بمرق من حد هالمدرسة، شريط الزمن بيمرق قدام عيوني وبرجع بتذكر كل شي، لأن هي المرحلة كانت مرحلة انتقالية. كانت بداية لمشروع أنا ما كنت عارف شو هو، بس بعرف إنو هاي المرحلة غيرت فيني اشيا كتير وعلمتني كيف أعرف اتذكر. 

 

Aladdin

Leave a Reply