سلسلة “حبر الأيام”: الرحيل

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (4 votes, average: 5.00 out of 5)
Loading ... Loading ...

339 views

تستضيف بخصوص في هذا العدد الجزء الثالث من سلسلة حبر الأيام التي تروي قصة حقيقية بقلم بطلتها شخصيا، على أن تتابع تشر الأجزاء اللاحقة تباعا في الأعداد القادمة.

بعد أن تأكدت من هويتي المثلية شعرت بالسعادة تتملكني، ووجدت الرد على جميع تساؤلاتي. كانت ليلتي الاولى مع غادتي الشقراء من ألف ليلة وليلة، وقد حفرت اثارها على روحي وجسدي حتى اللحظة.

وكانت نتيجة هذه الليلة ان طلبت هي مني البقاء معها في بيتها وعدم العودة الى بلدتي الصغيرة، وحاولت إغرائي

بشتى الوسائل منها انني سأعيش حياة الحرية الحقيقية وسنسجل بعض الافلام ونجمع ثروة منها، ونسافر إلى فرنسا. كنت استمع اليها بجسدي الذي عشقها، لكن عقلي كان يدور في فلك اخر.

كنت مستعدة لفعل المستحيل والبقاء في حضنها إلى الأبد،

لكن صوت العقل كان يصرخ عاليا في وجهي، ويذكرني بأسرتي والتقاليد التي نشأت عليها وما سأجلبه من عار لأسرتي عند عودة أخي ووالدي الى البلدة  من دوني.

والدي، ذلك الجبل الصلب، لا أدري ان كان سيبقى على قيد الحياة لحظة واحدة اذا ما هربت من المنزل، بعد ان كان يفخر بجذوره الصعيدية وكلمته العنيدة وكرامته التي حافظ عليها كغريب يعيش وسط مجتمع “الشرف” و”العرض” و”الكرامة”.

فكرت بأخي العليل الذي لم تزل صورته وهو طريح الفراش تطل علي بين الفينة والاخرى، لتذكرني بخوفي عليه.

أمي، تلك السيدة الطيبة القلب التي تفني نفسها من اجل أسرتها. ماذا سيحل بها؟

وأختي الصغيرة المتفوقة دراسيا، هل ستتمكن من متابعة دراستها؟ وهل سيرضى بها أي من فتيان البلدة زوجة؟

لم أستطع ان افعل هذا الفعل بأسرتي.

انتصر عقلي على جسدي، وودعت غادتي وقلبي يعتصر ألما وحسرة، وعدت لبلدتي تائهة هائمة، أهرب الى النوم دائما حتى استطيع ان أغمض عيني وأفكر بمن تركت قلبي معها. كنت أعيش معها في دنيا الخيال، بل لجأت الى احلام اليقظة وصنعت عالما لي ولها لم ينتزعني منه احيانا الا صوت احد أفراد أسرتي لغرض ما.

مضت الأيام برتابة شديدة، من دون أي مفاجآت، الى أن أصيب والدي بمرض شديد يدعى “تليف الكبد” نتيجة تناوله الخمور بكثرة، واضطر للسفر مع والدتي الى المدينة لتلقي العلاج. وعندما عاد، كنت انظر اليه رجلا هادئا مستسلما، يسير نحو النهاية بخطى حثيثة. كنت أشعر بالأسى تجاهه، لكني لم أشعر بالحزن. ففي ذلك اليوم المشؤوم الذي كتبت عنه من قبل، اغتال كل مشاعر الحب في داخلي، وزرع بدلا منها الكراهية. دعوت له بالشفاء، لكن عياني لم تذرفا دمعة.

من جديد، قال القدر كلمته ووضع النهاية المحتومة. غادر والدي الحياة، وكانت بداية طريقي نحو المجهول.

*يتبع*

امرأة حديدية

Guest Contributor

Leave a Reply