ليش تركتوه يلعب بال “باربي”؟
832 viewsبحضر أوقات فيديوهات عيد ميلادي أنا وزغيرة: دايما بكون لابسة طرحة بيضا وعم برقص مثل العروس. كان دايما حلمي كون عروس حلوة لابسة أحلى فستان ومعي أحلى شاب وعم نرقص سوا أحلى رقصة بين الناس. كنت كل ليلة صليّ لالله حتى فيق ولاقي جسمي تحول من جسم صبي لجسم بنت. طفولتي بكاملها كانت طفولة بنت، بلعبة ال”بيت بيوت” كنت آخد دور البنت وبنت عمي تاخد دور الرجال، كنت العب بال”باربي” واشتري تياب من قسم البنات، كنت قلّد الممثلات مثل “نيللي” و”شريهان”، كنت أقضي كل وقتي مع البنات ونطبخ سوا ونتحدث سوا. كان صوتي ناعم، ومشيتي ناعمة وبعدهن هيك لهلق.
كتير ناس بيلوموا أهلي بيقولوهن “ليش تركتوه يلعب بالباربي؟”. ما بيفهموا انو أنا من الأول ما كنت العب إلا بالباربي، وما ارضى اشتري إلا باربي.
على عمر ال 8 سنين، بلش البابا وجدي والمجتمع من حولي يحطوا عليي ضغوط رهيبة. صار البابا يصرّخ عليي ويضربني تا غيّر صوتي ومشيتي وتصرفاتي وتا بطل ابكي دغري ووقف رقص “متل البنات”. كان البابا قاسي كتير لدرجة كنت حسّو مجرم بدو يقتلني. بوقتها، هربت من الواقع على الخيال وخلقت شخصية بنت كانت تحلّ محلّ شخصية الصبي اللي مفروضة عليي. كنت اقعد ساعات اشرد واتخيل هيدي البنت يللي هي أنا، كيف عايشة حياتها. لمن كانوا يلبسوني بذلة على المناسبات، كنت اطلع بالمراية واتخيلها فستان.
ولد جواتي شعور رهيب بالذنب، وصرت ادعي الله بطل حس حالي بنت، وحلفت انو غيّر حالي لمن اكبر شوي أكتر. صرت بعمر المراهقة، يعني بمرحلة المتوسط، وكانت نقطة تحول بحياتي لمن فصلونا بالمدرسة وصرت أنا مع الصبيان بس، وبطل معي صديقاتي البنات. كانت المدرسة بالنسبة لالي بوقتها متل منظمة ارهابية: كل الوقت يضربوني، ويراشقوني بالأوراق والأقلام، ويشتموني، ويتمسخروا عليي. كنت انزعج كتير من طريقة حديث الصبيان وقسوتهم وفجاجة تصرفاتهم حتى هني بين بعض. وبهالفترة الصعبة كتير، كانت ضغوط البابا عم تكبر عليي، فصرت عايشة حال رعب طول الوقت: ما كنت استرجي اكتب عن حالي بصيغة المؤنث متل ما كنت أعمل من قبل، ما كنت استرجي ارفع أصبعي واحكي بالصف تا ما يتمسخروا عليي، صرت حاول قلّد الصبيان بطريقة المشي بس ما تزبط معي وصير أكره حالي.
بهيديك الفترة، كنت عايشة حياة الموتى، ما كان عندي حياة اجتماعية، من المدرسة على البيت ومن البيت على المدرسة وطول الوقت ساكتة وشاردة، عم حاول عيش أنوثتي بعالم الخيال.صرت منفصلة كتير عن الواقع لدرجة انو هلق في كتير اشيا ما بعرفها لأني كل سنين حياتي عشتها بالخيال. صار عندي رهاب من المجتمع، صرت خاف أوقف على البلكون، خاف شوف الناس، خاف امشي بالشارع، ولهلق بعدني بيدق قلبي وبرجف لمن بدي اطلع بالسرفيس.
بوقتها قرروا أهلي ياخدوني عند معالجة نفسية، خبرتني انو أنا “متحولة جنسيا” Transsexual. كانت أول مرة بسمع بهالكلمة بحياتي. ركضت على الانترنت وفتشت عنها، وصرت اكتشف قديش هالكلمة بتعبر عني وبتشبهني. في ناس بيحسوا متل ما أنا بحس! حسيت انو لقيت هويتي وأخيرا! حسي تبدي اركض بالشارع وغني واضحك، وخبّر كل الناس انو أنا “ترانس”! وفعلا بوقتها خبرت كل أهلي وأصحابي، وكان جواب عمي “لا حالة تحول ولا شي، مرحلة “محن” وبتمرق!”.
قد ما كنت عايشة كبت وقمع وقهر، لمن اكتشفت هويتي، انقلب هالشي ل”فورة” مش طبيعية. صرت قلّد “هيفا” و”نانسي”، وكل الوقت اتغنج وارقص والبس قصير وكل يوم اضهر مع شاب. هلق بعتبر حالي غلطت كتير بهيديك الفترة، خاصة انو أنا هلق عم بمرق بمرحلة نضج وعقلانية وتصالح مع الذات، صرت افهم انو الأنوثة فكر ونضال مش بس رقص وغنج.
حاليا، عم عيش حياة مريحة كتير بالبيت. أهلي تقبلوني تماما، والبابا كتير تغيّر معي من وقت ما مرض، والماما هي بتشتري لي تياب من محلات البنات وماكياج، حتى انو بلبس كعب عالي بالبيت وبمشي فيه. ومن بعد ما كانوا يطلبوا مني سافر لبرّا وأعمل عمليات التحويل، صاروا يصروا عليي انو ابقى. هلق عم خطط طوّل شعري، وشوي شوي عم غيّر تيابي تا يصيروا تياب “بناتية” تماما، وبعدين رح بلّش آخد هورمونات بوصفة طبية أكيد. بدي التحول يصير خطوة خطوة ت ما أصدم أهلي واخسرهم، بدي اربح كل شي، أنوثتي ووجود أهلي بحياتي.
بس للأسف، حياتي داخل البيت غير برا البيت. مثلا بمنطقتي ما بسترجي البس بلوزة حفر بضطر البس فوقها جاكيت، وبسمع كتير تلطيش من الشباب على الموتوسيكلات والدرك والجيش متل “قديش بتدفع؟” أو “قديش بتاخد؟”، عناصر الأمن security بالجامعة بيضايقوني وكتير طلاب كمان، وعندي خوف كتير كبير من التحرش بالشارع والسرفيس خاصة انو من أول ال 2010 لهلق تعرضت للتحرش 8 مرات!
حاليا عم عيش فترة راحة وتصالح مع نفسي، خاصة بعد ما تعرفت على “ميم” واكتشفت قديش فيه ناس واعيين على مواضيع الجندر والهويات الجندرية، وكيف بيعاملوني كبنت كاملة ولا مرة بيجرحوني أو بيحسسوني اني ناقصة. وبالرغم من كل الفترات العصيبة اللي مرقت فيها، هلق بشكر الله انو خلقت هيك، لأن عندي فرصة اخلق حالي بحالي، وارجع كوّن نفسي من أول وجديد كأني هلق برحم أمي.
- “كارلا”، قابلتها “عشتار”
Leave a Reply