القانون اللبناني: سيف على رقبة الحريات الشخصية

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (4 votes, average: 5.00 out of 5)
Loading ... Loading ...

781 views

لبنان بلد الحريات والمجتمع المثال لكل المجتمعات العربية بانفتاحه وتعايش ابنائه وتفهمه لحاجات شبابه وبتقديم كل أساليب التطور والتقدم لهم: بروباغندا تعايشنا معها كشباب وشابات لبنانيين وتربينا على وقعها الرنان الذي يطرب أذن كل شخص يبحث عن مجتمع يوتوبي. ولكن ما لا يعرفه العالم هو أن قصة الحريات في لبنان هي قصة معركة مستمرة وصراع لا ينتهي لمواجهة القانون من جهة، والمجتمع والعقلية المتخلفة من جهة أخرى.

فشباب لبنان اليوم تائهون بين قوانين تدعي إحترام الحرية الشخصية وتتباهى بتطبيق المواثيق العالمية لحقوق الانسان، وقوانين تجرم تطبيق حريات معينة ولا تمت بأية صلة لإحترام حقوق الإنسان.

وتبقى الحرية المهمشة بأكبر طريقة ممكنة في القانون هي الحرية الجنسية .فبين اتهامات الدعارة والزنى والممارسات الجنسية غير الطبيعية وتجريم عدد كبير من الممارسات الجنسية، أصبحت الحياة الشخصية لكل انسان مبرمجة بحسب ما ينصه القانون.

وهنا، لا بد لنا أن نذكر أن العادات والتقاليد في مجتمع معين تعتبر أيضا نوعا من أنواع القوانين غير المكتوبة، اذن عندما نتحدث عن ممارسات القانون غير الانسانية، لا بد لنا أن نشمل القوانين اللبنانيّة أو القوانين الدينيّة التي تتحكم بالمجتمع اللبناني.

بناء عليه، من البديهي اذا أن نقول ان مثليي/ات الجنس في لبنان ينتمون الى الفئة المهمشة على أكبر وجه في المجتمع اللبناني.
لقد أجريت عدة دراسات على هذا الموضوع تناولت وضع مثليي/ات الجنس الأجتماعي والقانوني في لبنان، وكيفية تدخل القانون في حياتهم الشخصيّة مما يجبرهم/ان على العيش، في معظم الأحيان، في حال إنكار وإختباء.

وكان أبرز ما تناولته هذه الدراسات هي المادة 534 من قانون العقوبات التي تجرّم العلاقات الجنسيّة “خلافا للطبيعة” (كما ورد في المادة). واذا كان لا بد لنا من ابراز ما تطاله هذه المادة من حريات الانسان بايجاز، فانها بالمبدأ، تحد من حريّة الانسان الجنسيّة التي تعتبر حرية شخصيّة لا يسمح لأي قانون أن “يبرمجها” أو يتدخل في ممارستها. كما أنها تناقض بشكل صريح المادتين الأولى والرابعة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان (1789) اللتين تصرحان بأن التمييز الاجتماعي لا يمكن أن ينجم عن القوانين المتبعة وأن الحرية تكمن في ممارسة أي عمل لا يضرّ بالاخرين. وهنا نشير الى أن المثليّة الجنسيّة تعتبر من ضمن الحياة الشخصيّة التي لا تضر بأي فرد من أفراد المجتمع طالما هي “شخصيّة” بامتياز.

ولكن المادة 534 ليست المادة الوحيدة التي تمس بحريات مثلييّ/ات الجنس والمواطنين/ات اللبنانيين/ات بشكل عام، لكنها المحرك الأكبر والدافع الذي من خلاله يطال القانون حريات المواطن/ة اللبناني/ة لاسيما مثليي/ات الجنس ، حتى الحريات الأكثر طبيعية والأكثر بديهيّة منها.

أولا: مبدأ حريّة الأعلام:
في المبدأ، كل بلد ديمقراطي يسمح لأبنائه/بناته بإبداء آرائهم/ن دون اية رقابة عبر وسائل الأعلام، وتعتبر الرقابة على هذه الوسائل من ممارسات الدول الديكتاتوريّة أو التوتاليتاريّة. وبما أن لبنان “ديمقراطي”، فانه في معظم الأوقات لا يمارس رقابة على اعلامه. لكن انعدام الرقابة هذا، يسمح لهذا الاعلام غير المسؤول أن يهين فئة معيّنة من المجتمع من دون أن تتخذ أية إجراءات تحمي كرامة هذه الفئة المهمشة. والأمثلة كثيرة، منها البرامج الترفيهية الفكاهية التي تعرض من  خلالها النكات المسيئة للمثليين/ات والمحرضة ضدهم بهدف اضحاك المشاهدين.

إن هذه البرامج تمس في أكثر الأحيان كرامة مثلييّ/ات الجنس، اذ يتم تناول قضيتهم بطريقة دعابة وتهكم ممّا يحفّز الرأي العام والمجتمع على الاستمرار في اضطهادهم واحتقارهم دون أي رادع، لا سيّما أن الأعلام هو السلطة الأكبر التي توجه آراء المجتمع. وبما أن وجود مثلييّ/ات الجنس في لبنان يعتبر غير قانوني ويجرم بحسب المادة 534 من قانون العقوبات، فان أي شكوى قدح وذم وتشهير ومساس بالكرامة الانسانيّة ضد الاعلام غير المسؤول تغدو مستحيلة، فمن ذا الذي يجرؤ على تعريض حريّته المدنيّة للخطر في محاولة للدفاع عن كرامته بتقديم شكوى قضائية؟

من جهة أخرى، يجدر الذكر أنه في أواخر التسعينات أصبح الانترنت مكانا آمنا نوعا ما يتمكن من خلاله المثليون/ات من التعارف. وقد لعب الانترنت دورا مهما في الربط بين الناشطين/ات والمدافعين/ات عن حقوق المثلييّن/ات، لا سيما عندما بدأت المجموعات الرسميّة وغير الرسميّة تنتظم. أما اليوم، فقد تغير الأمر مع تمرير مشروع الرقابة على الانترنت الذي يشكل المتنفس الوحيد للمثليين/ات الذي يتمكنون فيه من التعبير عن واقعهم/ن وآرائهم/ن ومشاعرهم/ن وأفكارهم/ن دون أحكام ورقابة مسبقة، ومن دون تعريض أنفسهم لخطر السجن والمحاكمة.

وبما أن هذا المشروع بات ساري المفعول وقد أدخل شابان السجن بناء على أحكامه بتهمة “الاساءة لرئيس الجمهورية” على موقع “فايسبوك”، فقد بات سيف الاضطهاد القانوني والاعلامي والاجتماعي مسلطا على رقاب المثليين/ات في لبنان، وكل مواطن/ة يود أن يعيش حرياته الشخصية وحياته الجنسية خارج الأطر المفروضة قانونيا واجتماعيا ودينيا.

(في الجزء الثاني تقرؤون: ممارسات القانون ضد المثليين/ات – تهميش المرأة  في الدستور)

- بقلم Myrrha

Guest Contributor

Leave a Reply