سيدي علي بن حمدوش: “قديس” المثليين بالمغرب

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (1 votes, average: 2.00 out of 5)
Loading ... Loading ...

2,035 views

“شايلاه اسيدي علي بن حمدوش، شايلاه لالة عيشة الحمدوشية” * تقول فوزية، البالغة من العمر حوالي 40 عاما وهي تشعل شمعتها، وتضعها على سور لالة عيشة مولات المرجة، وترش الزهر والحليب والحناء وتضع علبة سكر، وتشعل قطعة بخور رغبة في الحصول على البركة من لالة عيشة، التي تطلب منها أن تنعم عليها بالزواج. إننا في موسم سيدي علي بن حمدوش بمكناس.

يوجد ضريح سيدي علي بن حمدوش بمنطقة المغاصيين، التي تبعد عن ولاية مكناس بـ 15 كيلومترا تقريبا، وبالقرب من الضريح شجرة تذبح بجانبها القربان، التي تباع مباشرة بعد ذبحها، أو ترمى على جنبات الضريح، وتقدم فيها هدايا يقتنيها الزوار من سوق الموسم لنيل البركة، وهي في الغالب بخور وحناء وحليب. هذا التقليد المتجذر من الثقافة الامازيغية.

ووفقا للتقاليد، زيارة هذا الضريح لا يمكن أن تكتمل إلاّ بالمرور عبر أربعة مراحل، أولاها أخذ الطبق إلى ضريح سيدي أحمد الدغوغي، ثم مرحلة النزول إلى الحفرة، حيث توجد هناك لالة عيشة الحمدوشية، ليتقدم لها بالقرابين وإشعال الشموع، ومنها إلى زيارة قبة سيدي علي بن حمدوش. وتأتي أخيراً مرحلة العوم داخل بيوت، حيث يعتقد الزائرون أن مياهها تنبع من سبع عيون تسمى عين لالة عيشة.


لالة عيشة مولات المرجة

يروى عن “لالة عيشة” أن “الشيخ علي بن حمدوش لما عزم على الزواج أحضر له أحد أتباعه، الذي كان في زيارة للسودان، فتاة من هناك أعجبته أخلاقها. وعندما حضر بها إلى المغرب الأقصى، فوجئ بخبر وفاة الشيخ وهو عازب، فبقيت العروس تبكي على قبره حتى حصلت لها البركة، وصارت-بحسب معتقداتهم- رمزا للفتيات طالبات الزواج.

وتواكب الشجرة طقوس يختلط فيها الدم بالحليب، لتتحول الساحة، التي تذبح فيها القربان إلى “مجزرة” تسري بالدماء، حيث يعمد بعض الزوار “المجذوبين”، وبخاصة النساء منهم إلى التبرك بالدم وسط جو صاخب من “الحضرة” و”الجذبة”**.

على تخوم ضريح سيدي علي بن حمدوش تتكدس أنواع البشر وصخور الحجر، رجال ونساء وشباب وفتية قدموا من جل مدن المغرب. تزكم رائحة البخور أنوف الزائرين، و يحجب دخان الشموع الرؤية، فكل ما تراه العين أحجارا سوداء متماسكة فيما بينها ودخان الشموع ورائحة البخور قربانا رميت بعد ذبحها والتبرك بها .

أما المرجة، فمكان يوجد أسفل الأحجار التي تنصب عليها الشموع وتحرق عليها البخور، وهو مكان تحيط به كثرة القصب وأثواب داخلية عالقة بقضبان قصبية بطريقة اعتباطية وألوان متناقضة ليس بينها انسجام ولا تناغم. ثمن الدخول إلى المرجة محدد سعره في 5 دراهم، يدخله الرجال والنساء بشكل منفصل لكل من الجنسين مكانه المخصص. ويتوافد الى المرجة ما يناهز 1500 شخص يوميا، وبعد الاستحمام، يلقي كل من تبرك بماء المرجة بملابسه الداخلية على صخور وأعواد قصبية بغرض طرد النحس وجلب الحظ للزواج للعانسات، الذي سيأتي نصيبهن بحسب رغبة “عيشة مولات المرجة”.

ويذبح في الشجرة المحاذية لسور لالة عيشة يوميا ما يفوق 1000 رأس من الماعز أو الغنم، إضافة إلى الدجاج والبقر والإبل، التي يشترط فيها أن تكون من الذكور ذوي الجمال، اعتقادا من بعض الفتيات العانسات أن الذكر يجلب حظ الزواج، حيث تقدم كقرابين لـ “مولات المرجة”.

وتأتي الهدايا للالة عيشة على نغمات الكناوي أو العيساوي أو الحمدوشي، وكل بنغمته الخاصة، ويجري استئجار هذه الفرق بـ 500 درهم، فيما يصل ثمن رأس الماعز إلى أكثر من 1000 درهم، وهو ما يطلبنه الشوافات*** من الزبائن بحسب القصد والغرض المطلوب قضاؤه.

وتتقدم فرق كناوة أو عيساوة أو حمادشة الفتيات والمثليين والنسوة واضعين على رؤوسهم أطباقا من الفضة مليئة بالهدايا المقدمة للآلة عيشة. وتضم الهدايا أطباقا اختلطت فيها الحناء و قنينة الزهر ونصف ليتر من الحليب وعود بخور وسكر وشمعتان، تباع جاهزة بتصنيفاتها بـ50 درهما للطبق.

وبعد أن تصل الأضحية إلى المكان “المسكون” تحت الشجرة “المباركة” تذبح، حتى يسيل دمها على الأرض، ويتبرك صاحبها بالدم، لتباع بعد ذلك لدكاكين الجزارة بالسوق بثمن لا يتعدى 60 درهما، فيما يلقى ببعضها على الصخور المحاذية لماء المرجة.


المثليين بين الروحي والجنسي

ويحكي عجوز من سكان الضريح، أن المثليين يحرصون على زيارة الضريح في هذا الموسم، لكونهم يتمثلون أسطورة لالة عيشة، ويعتبرونها بمثابة جدتهم. وتحكي الأساطير أن لالة عيشة كانت نائمة في بيتها ذات ليلة، قبل أن تفاجأ بأحدهم يقتحم خلوتها لاغتصابها، فبدأت في الصراخ لتتحول بقدرة خارقة، إلى رجل بلحية وأعضاء تناسلية ذكرية.

ويفيد أحد الزوار المخلصين لموسم سيدي علي بن حمدوش أن توافد المثليين الى الضريح بدأ منذ الثمانينات، حين بدأ الموسم يعرف رواجا تجاريا، مضيفا أن “الشوافات” في مدن أخرى من المغرب ينسقن مع زميلاتهن خلال موسم سيدي علي بن حمدوش بمكناس، فيبعثن لهن بزبائن يوهمونهم بضرورة التبرك من الشجرة، حتى تقضى أغراضهم.

ووسط أهازيج النسوة والفتيات وزغاريدهن وهن يرددن ” هاهي جات هاي جات لالة عيشة مولات الواد…”، لا يخلو المكان من بعض المثليين المرتدين لباس النساء، مع بعض الحلي ومساحيق التجميل ببهرجة.

ولوحظ خلال موسم سيدي علي بن حمدوش هذه السنة، استنفار أمني مشدد داخل قرية المغاصيين وفي مختلف أزقتها. عناصر الأمن والدرك، وسيارات الوقاية المدنية والإسعافات تفاديا لوقوع أي حادث، كما جرت الاستعانة بالقوات المساعدة خلال المراقبة، التي شملت كل الحدود المؤدية للضريح.

وتقول مجموعة “كيفكيف” المدافعة عن حقوق المثليين في المغرب أن الدرك المغربي (الشرطة) اعتقل عشرات المثليين في الموسم الأخير، حيث يتم إطلاق سراحهم في الغالب بعد التحقيق معهم.

* تعبير مغربي تقليدي يقال طلبا لبركات أحد القديسين أو القديسات.

** “الحضرة” أو “الجذبة” هي حالة من الشطح الصوفي أو الانجذاب إلى قوة روحانية والذوبان فيها.

*** “الشوافات” أي البصارات.

–Contributed by مجموعة “كيفكيف” – المغرب

Guest Contributor

Leave a Reply