جسد الست أصيلة
1,670 viewsبلشت قصة الست أصيلة لمن مات زوجها وهي عمرها 21 سنة، وعندها 4 ولاد (ملاحظة: الست أصيلة تزوجت بعمر ال 14). اليوم عمرها 49 سنة. بتوقف قدام المراية، بتشلح تيابها، بتطلع بجسمها وبيدمعو عيونها. صدرها ترهل، ايديها ورقبتها مجعدين، اجريها ضعاف ومنسيين. نسيت شو يعني المرا تتمتع بجسمها، نسيت كيف الاحساس بالمتعة بيكون، نسيت كيف الاحساس انها تعطي جسمها لحدا، متل ما هو، بلا تياب بلا ماكياج بلا ولا شي. 30 سنة، الست أصيلة روحتهن هيك، عالفاضي، تا تضل بنظر الجيران وأهلها وأهل زوجها وولادها “أصيلة”.
ليه؟ أو بالأحرى شو صار مع الست أصيلة؟
اللي صار انو بمجتمعها الشاذ، اذا وحدة مات زوجها، لازم تموت معو (ملاحظة: هو وعايش فيه يحب عليها ويعمل اللي بدو ياه، بس هي لمن يموت لازم تموت حدو تا تكون أصيلة). لازم تفقد الاحساس بالحياة والفرح والمتعة والحب. لازم يضلو عيونا حمر من البكي، وتلبس أسود طول العمر، وتقعد تفرم بصل كل يوم وتبطل تهتم بحالها، وما تعمل شي إلا تعلق صور المرحوم وتحكي عنو لكل اللي بتعرفهن وتربي ولادها وبس. “تضب بيتها” بمعنى آخر.
لازم تنسى انها مرا، وانها انسان وعندها احساس وبيحقلها يكون عندها احساس. هالمجتمع الشاذ، قدر انو يزرع الشعور بالذنب والخوف والخطيئة داخل كل مرا بيموت زوجها، اذا عجبها شي رجال تاني، أو اذا حست بالرغبة، او اذا حبت. قدر يربطها، ويعيشها بخوف دائم من حالها ومن احساسها ومن جسمها. قدر يكبتها، ويروح شبابها وسنينها، بس لأن ذكورية الرجال بدها حتى هو وميت ومدفون، تطمئن انو مرتو ما حدا عم يشوفها ويحبها ويلمسها.
مرة، لمن كان عمرها 25 سنة، طلب ايدها واحد كانت تعرفو من زمان وكانت معحبة فيه قبل ما تتزوج المرحوم. للحظة، كتير كانت بحاجة لحدا يكون موجود بحياتها، وينام حدها كل ليلة ويحضنها، ويقلها انو كل شي رح يكون منيح، وانو الحياة حلوة وفينا نتمتع فيها سوا. للحظة، فكرت انها تقول ايه. للحظة فكرت انها ترجع تعيش، وتطلع من قبر المرحوم. “بدك العالم يقولو قبرت جوزها وفلتت ع حل شعرها؟؟” قلها ابنها، “بدك يقولو عن امنا شرموطة؟” قالتلها بنتها، “ما تفكري بالموضوع أحسن ما لحقك بالمرحوم” قلها خيها الكبير، وخيها اللي أصغر منها كان يحبها كتير فنصحها “شو غلط معك المرحوم؟ ما كان رجال بيسوى كل الرجال، شو غلط معك تا تخونيه؟ خليكي أصيلة متل ما كلنا منعرفك”
حتى الزواج من بعد المرحوم، خيانة للمرحوم. ايه، هيدا المجتمع قادر يقيد الست أصيلة (وكل الستات اللي متلها) ويربطها، لدرجة انو حتى هي، ما كانت تسترجي تلمس حالها. بلكي زعل المرحوم؟
من كم يوم، كانت الست أصيلة عم تحضر “فتافيت” تا تقوم تتسلى بشي طبخة، وهي وعم تغير المحطات، بتشوف مرا مربوطة على فرشة حد جثة زوجها الميت ولابسة فستان العرس، وفي ثلاث رجال حدها عم يرشو عليها شي متل المي. فجأة، بيولعوها هي وزوجها وبيوقفوا بيصلوا وبيقروا تراتيل حدهن وهي عم تحترق وتصرخ. هيدي الحادثة بالهند، بس مجتمعها بلبنان والعالم العربي مش أحسن بكتير. نفس المبدأ، بس بلا حريق. نفس المبدأ: بس يموت زوجك بتموتي معو.
يومها، حست الست أصيلة بالظلم، حست بالغبن والقهر والغضب. حست انها بدها تصرخ وتصرخ وتصرخ تا تطلع من قبر المرحوم. يومها، حست بالحرية. قامت، وقفت قدام المراية، شلحت تيابها، تخيلت صورة رجال بيعجبها كتير عندهن بالحي، ولأول مرة من 30 سنة، مدت ايدها، لمست حالها، وحست بالحياة، اللي صرلها 30 سنة مضيعيتها.
يومها، طلعت من قبر المرحوم.
Leave a Reply