يوميات شاب ترانس في الأمن العام
1,282 viewsكلنا عنا تجارب ومغامرات مع الدوائر الرسمية، وكلنا مرقنا بتجربة إنهاء معاملة باسبور أو إمضاء ورقة كاتب عدل أو مالية أو ضمان.
أكيد كل حداً منا لاحظ البيروقراطية، والعقلية الذكورية، والعنصرية الموجودة لدى مؤسسات البلد الرسمية.
بس أنا هلق بدي احكي عن تجربتي كشاب ترانس بهيدي الدوائر، وحالة التشوش والإضطراب اللي خلقتو هويتي الجندرية إللي ما بتطابق شي موجود على هويتي اللبنانية.
أولى المغامرات إللي بلشت معي كانت بالأمن العام. أول شي لاحظتو لما فتت على الطابق، وجود لافتة بتقول ” فيزا للعمال والخدم”.
بوصل وبقدم أوراقي وبتمشي المعاملة الى أن بوصل عالصندوق لأدفع. هون الشخص يللي على الصندوق بلاحظ الفرق بين الهوية والشكل وبيطلب مني فوت عند المعاون.
أنا عرفت شو الخبرية، ومحضّر حالي لقعدة طويلة عند المعاون أو المسؤول وحتى إنو محضر إتصالات وأرقام طوارئ. هيدا لبنان، وكون هويتي بتقول “أنثى”، فيعني إنو ح يبلش التحقير والاهانة.
وكوني شاب ترانس كمان، صار أفظع بالنسبة الهن. إنو مين أنا لحاول أترقى لمستوى رجل؟ ما بهالمجتمع الذكوري، ال”أنثى” عنصر ثانوي.
على كل حال، فتت عند المعاون لنشوف شو بدو يعمل. فأول سؤال بيسألني إياه: “ليش هون إنت؟”
فأنا بعمل حالي ما فهمت عليه. بجاوب:
-“ما بعرف بعتني الصندوق لعندك”
-“هيت أوراقك لنشوف”.
بيطلع بالأوراق وبيرجع بيطلع فيني شي 5 مرات، وبيطرح السؤال إللي كنت ناطرو.
-“إنت بنت ؟”
-“إنو حسب الهوية اه”
-“ليش عامل… عاملي هيك بحالك ؟”
-“ليش لأ … في مشكل بالموضوع ؟”
-” إنو ليش شعرك قصير؟”
-” ليش لأ … إنو ضروري البنت يكون شعرها طويل لتكون بنت؟”
هون حضرة المعاون بيبعتني عند الضابط المسؤول عنو، إذ إنو أكيد ما فيه يعمل شي بلا موافقة الراس الكبير.
بفوت عند النقيب ع كلمة “شوووو….. بعتلي إياه”…أنا هون قلت خلص ولعت! حضرة النقيب صاحب المقام العالي، بيستعمل النبرة الذكورية العالية، فكرو إنو رح يخوفني، وأنا عم بتصرف بكامل برودتي.
-“يا حبيبي إنت بنت؟” (بنبرة عالية)
-“ممممم…. حسب الهوية اه”
-“وليش لابس هيك وشعرك قصير ؟”
إنو ما بعرف إذا لازم رد عليه إنو أنا حرّ بهويتي الجندرية، أو لازم ردّ عليه بخصوص الصور النمطية والصناديق إللي عم يحطو المرأة فيها.
-“أنا عم بعطيك هويتي وما عام بنكر شي وكل الاثباتات معك” قلتلو.
-“طب روح عند المعاون “
ورغم إنو عم يتعامل معي على أساس بنت، بس ما كان قادر يحكيني إلا بصفة شاب.
على كل حال، برجع عند المعاون إللي بقرر يعطيني محاضرة عن ال”أنوثة”، وإنو ليش أنا عم بعمل بحالي هيك. كنت بعدني عم جرّب ابلع حديثو الذكوري المتخلف، لمن مدّ ايدو ليتأكد إذا أنا بنت ولّا شاب. ساعتها قلتلو:
-“فيني أعرف شو ناوي تعمل؟”
-“إنو….”
-“إنو شو؟؟ …إذا حابب تتأكد من شي فيك تطلب طبيب شرعي”
-“طب خلص، صورلي/صوريلي الهوية إذا معك وطلاع لأمضيلك ياها”
مرقت خبرية الأمن العام على خير، لتلحقها خبرية المالية إللي هي كمان صورة طبق الأصل عن البيروقراطية، وعن شخص ذكوري شايف رجوليتو ومش مصدق صار عندو مكتب ولقب ومركز اجتماعي ليزيد الطين بلة.
وهونيك بيجي السؤال الغبي: “بركي مزوّر إخراج القيد؟” (بنبرة تذاكي)
-“اه مزورو وعم بعطيك إياه، لأنو جاي أنا وناوي إنو انحبس ما هيك؟”
-“طب ليش عامل هيك بحالك؟”
هون، أنا كنت عارف إنو شو ما كان ردّي، ما فيهن يعملو شي. أنا الحق معي، لا عم كذب ولا عم بنكر شو مكتوب على أوراقي الرسمية.
-“أنا مش جاي ناقش هويتي الجندرية معك، بتنفع الهوية لتمشي المعاملة أو لأ ؟” (حالة صدمة وإستغراب ع كلمة هوية جندرية)
وأكيد من خوفو إنو يكون انتحال شخصية، رفض.
بعد كم يوم، بكون ضهرت من صدمة الحشرية والجهل والصندوق الأنثوي المفروض على النساء إن كان كشكل أو تصرفات أو لبس أو حتى حضور ونوع الأفكار والأراء المتوقعة منها.
يمكن عم تقولو إنو هالشاب الترانس حرام شو عم يتعرض لحكي وصعوبات، بس صدقوني ما في أحلى منها نظرة الضياع والارتباك إللي بشوفها على وجوهن.
وقت رحت عند كاتب العدل وعطيتو “الهوية” اه اه الهوية مرة تانية، اطلع بإسمي وقال “إسم كتير أوريجنال لشاب”.
المرا إللي قاعدة بجنبو كملت “بس ليش حطينلك عزباء ما شايفينك شاب؟”
-“ما هني بكونو شافو الاسم بفكرو إنو إسم بنت “.
هيدا النص كتبتو للاخوان والأخوات الترنسيين/ات، إنو بس تروحوا صوب الدوائر الرسمية، توقعوا هيك مواقف وعرفوا إنو رح تواجهوا كتير حكي، وكتير يمكن تنزعجو أو يمكن لأ. وعقبال ما نغير هيدي العقلية ما في حل إلا نواجه، بس أهم شي تعرفوا إنو انتو الصدمة إللي بتعملولهن اياها وحالة التشوش إللي بتخلق عندن، وبتدمرلهن القداسة الذكورية، هي خطوة على طريق تغيير هالنظام . وكل خطوة، مش بس بتحضرنا كأشخاص، وانما كمان بتمهّد الطريق قدّام اخرين كتار غيرنا، وبتحطنا بموقع القوة.
أهم شي إنو نواجه وما نخاف.
بقلم علاء الدين
Leave a Reply