“حديثي مع “علياء المهدي

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (3 votes, average: 3.67 out of 5)
Loading ... Loading ...

1,158 views

كنت في مطار إسطنبول مع رفيقتي عندما قلت لها: “انظري إلى هذه المرأة في البرقع، كيف يحد من حريتها و يقمعها ويمنعها عن الكلام”. فردّت عليّ بالسؤال ذاته: “انظري إلى نفسك ترتدين السوتيان، أليس هذا قمع لجسدك؟ لماذا لا تخرجين من دونها؟”.

لم أعرف الجواب، لكن عرفت حينها انني مثل المرأة المحجبة، لست حرة بجسدي، بل أكثر. فمن الممكن للمحجبة أن تكون أكثر حرية مني لأنها إختارت الحجاب، لكنني لم أختر السوتيان.

لقد نسيت هذا الحديث الذي خرجت منه مفحمة، إلى أن ظهرت علياء المهدي بصورها العارية أمام المئات من متصفحي الموقع الخاص بها. كانت المرة الأولى التي أرى فيها صورة لجسد امرأة عارية خارج إطار المواد الإعلانية، تقف هي فيها بكل ثقة وثورة لتعطي درسا في الحرية .

لوهلةٍ، عارضتها طارحة على نفسي الكثير من الأسئلة: نحن في ثورة لتغيير النظام، فهل هو الوقت المناسب للمناداة بالحريات الجسدية؟ هل كل من يساندون/يساندن علياء، قادرين وقدرات على تصوير أنفسهم/ة عراة أمام الملايين؟ ما المغزى من صورة امرأة عارية؟ ألم تطغى قصة علياء التي صورت نفسها بكامل ارادتها، على قصة النساء اللواتي تعرضن لفحص العذرية في ميدان التحرير خارج ارادتهن، وتم تصويرهن كعاهرات وفاسقات؟ (مع تحفظي على التعابير)

لكن الحديث بيني وبين صور علياء كان أطول من حديث مطار إسطنبول. كانت الأسئلة أكثر، ولكن جواب علياء المنتصب بوقاحة رائعة، كان واحدا: اني أعلمك الحرية والثورة.

علمتنا علياء الثورة، نحن المعترضات دائماً على كل ما يقمع حرية المرأة الجسدية الفكرية السياسية الإقتصادية والجنسية. قالت لنا علياء أن ريح الثورة حين تهب، تأتي بالتغيير الجذري الراديكالي من أجسادنا نحن، حتى أبعد النساء عنا في الجغرافيا والفكر . قالت لنا انها  قوية وشجاعة، كالمرأة التي وقفت في الصفوف الأمامية في ميدان التحرير، انها كمنال الشريف، انها سميرة إبراهيم، انها من صانعات التغيير.

لقد قالت للعالم العربي، لليبراليين والإسلاميين والمحافظين والتقدميين: لقد سئمت تغييركم، أنا أنتفض ضد خطابكم الإصلاحي الذي لم يخرج من الذكورية بعد، والذي لطالما صور المرأة الوطنية الثائرة المساندة لقضايا وطنها والمضحية، على أنها امرأة ملتزمة محجبة وخجولة، تتراجع الى الصفوف الخلفية بصمت فور أن يتمّ الرجال “انتصارهم” و”ثورتهم”. قالت علياء: أنا هنا لأغير بجسدي العاري .

ومع صعود علياء، تصاعدت  أصوات المعارضين لتطالب بوضع الحد عليها، وأنشئت على فايسبوك صفحات مثل “أنا شاب مصري أصيل ومش هسمح بالتعري تحت تحت مسمى الحرية” و”الشعب يريد إعدام علياء ماجدة المهدي”.

هو يريد اعدامها، وأنا متأكدة من أنه مارس العادة السرية أمام صورها العارية. يريد اعدامها لماذا؟ لأنها تحررت من ثيابها. لأنها أكثر شاجعة من أي رجل. لأنها تهدد “رجوليته” وتتحدى العادات والتقاليد والمراسيم والأعراف التي نصت على أيدي من نطالب بتنحيتهم. فما هذا الإنفصام الايديولوجي يا أيها “الشاب المصري الأصيل”؟.

إن كانت حناجرنا تصرخ لحرية مصر، يجب أيضاً أن تصرخ “كلنا معاكي يا علياء، أنت التي علمتنا نحن الثائرات كيف تصنع الثورة”.

 

بقلم هاثور

Guest Contributor

Leave a Reply