حبر الأيام: الى موطن أبي

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (No Ratings Yet)
Loading ... Loading ...

520 views

حبر الأيام: الى موطن أبي

استيقظت مبكرا على صوت والدتي وهي تحثني على ارتداء ملابسي والاستعداد للمغادرة. أيقظني صوتها من حلمي الذي غرقت فيه فيه وتمنيت عدم الاستيقاظ منه. انها الحقيقة المجردة: العودة الى سجني الذي هربت منه بارادتي وعدت اليه رغما عني. اخذ الاوتوبيس يخطف المسافات على عجل وكأنه يريد ارسالي الى حتفي في أسرع وقت. أخذت أتصفح وجوه من حولي واجمة حانقة على ضعفي وعدم قدرتي من التخلص من اسوأ كابوس، وهو عودتي الى قيودي.

عند وصولنا الى المنزل، لكم ان تتخيلوا نوع الاستقبال الجميل الذي استقبلني فيه أخي لحظة ولوجي الباب. شتائم تفنن باختيارها وبعض صفعات وركلات قابلتها بصمت وسخرية، ما حثّه على كيل المزيد منها. تدخلت خالتي وأنقذتني من براثنه بأعجوبة مرددة تبريرات مثل “ما راح تعيدها” و”بعدها صغيرة ما تعرف مصلحتها” و”اخر مرة”.

مضت بضعة ايام توصلت فيها الى حل كان لا بد من الاسراع في تنفيذه وهو السفر.

بحثت في أجندة صغيرة وجدتها بين أوراق والدي، ووجدت بعض أرقام الهواتف والعناوين التي تعود الى أشخاص في موطنه. وقتها، احتفظت بالأجندة وكنت أمارس هواية خاصة لم يعرف بها اخي وهي المراسلة، وكنت على اتصال بصديق في موطن والدي. أرسلت رسالة الى صديقي ضمنتها صورة لي وبعض عناوين الأقارب، وطلبت منه ان يضعها في احدى الصحف الصادرة، موجّهة فيها نداء الى أقاربي أعرفهم بنفسي وباسمي واسم اخواتي، وما أذكره من اسم لعمي وعمتي وبعض الاقرباء الذين سمعت والدي يردد اسماءهم على مسمعي.

وكان لي ما أردت، وأرسل لي الصديق نسخة من الجريدة فيها صورتي وقد كتب بجوارها أني أبحث عن أسرتي. فرحت جدا وفوجئت برسائل تصلني “انا فلان ابن عمك، وأنا فلان ابن عمتك ونحن بانتظارك في حال قررت الحضور الى موطن والدك والتعرف الى العائلة”. عندها، أعلنتها بصراحة لأمي وأخي وخالتي: أريد السفر الى موطن أبي، لن يغمض لي جفن ولن تستطيع أي قوة في العالم ثنيي عن موقفي، وفي حال الرفض سأهرب من جديد.

وضعت في أذن طين وأذن عجين، ورفضت الاستماع الى أي محاولة لاقناعي بعدم السفر الى موطن أبي. فقد كانت الاحداث السياسية بين بلدي وموطن ابي تمنع اي فرصة للوصول الى هناك، لكنني لم أحبط ولم أيأس. وقد كان لي ما أردت، ورضخ الجميع لما انتويته وصممت عليه. باشرنا باستخراج جوازات السفر، وكنت وقتها أكاد ألمس السماء من فرط سعادتي. سافرنا الي بلد قريب، ومنه حصلت على عنوان سفارة موطن ابي وتوجهت اليها.

المرأة الحديدية

Guest Contributor

Leave a Reply