بالأبيض والأسود

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (1 votes, average: 5.00 out of 5)
Loading ... Loading ...

304 views

هل تستطيع التمادي في أحلامك؟ هذا ما يبدو، لكن لم تكن تتوقع أبدًا أن يصبح أجمل أحلامك.. كابوسا يحول مخدتك الناعمة إلى صرة..

تفتش في أرشيف ذاكرتك عن لحظات هاربة من حياتك، هي لحظات مرت كأحلام اليقظة.. أو أشلاء أوهام… يوم وجدت نفسك في حلمك الأول تنزع قلبك من بين ضلوعك دون أن تشعر بأي ألم يذكر؛ وتقدمه وهو يتقاطر دما إلى سيدة كانت زميلة لك على مقاعد الدراسة.. لتصبح فيما بعد رفيقة لحياتك… كيف حصل لك ذلك؟ أفكرت فيما كنت مقدما عليه؟ ليس مهما دائما التفكير في نهاية الأشياء.. وهل يستحق قلبك الفارغ؛ غير من تعلق به بعنف كما يتعلق الغريق بحبل النجاة؟.. ليكن امرأة.. أتتوقع أنك ستجد يومًا من يحبك أكثر؟ لن تجده؛ لذا لا فائدة من التفكير أو التردّد ما دام الأمر واضحًا للأعمى.

ووجدت نفسك في حلم وردي رائع تمنيت أن يطول… وردة أولى تفتحت بألوان وسط قتامة حزنك الدفين.. وعصفورة تغرّد في صمت الخواء الذي يعانق روحك.

وتوالت أحلامك.. وامتزجت بطعم الأوهام .. كنت تتهرب من الاستفاقة من أحلام قد تتحول أمامك إلى كوابيس حقيقية تتربص بك كالتماسيح في قعر البحيرة الصافية.. وبما انك كنت على الاستعداد لتقديم كل شيء ما دمت تعلم انك لن تنال أي شيء.. وحاولت إقناع نفسك بأنك ما ولدت في هذا العالم إلا لتعطي وأنت؟ لا حظ لك فاقنع بقسمتك ونصيبك أوليست الحياة كلها قسمة ونصيب؟

كنت دوما مراوغا مموها لكوابيسك.. رغم انك كنت تعيش حياتك كشخص بلا قلب ولا اتجاه ولا إيقاع.. كنت تشعر انك دخلت منطقة اللاعودة.. وأنه ما عليك إلا الاستمرار في السّير على يديك ورجليك في ظلمة النفق الذي دخلته وأنت لا تملك أيّ سلطة للقرار مع انك من صناعه.. هو نفق غير مسدود لكن لا أمل في الخروج منه. أصبحت تعي جيدًا مع مرور الأيام الرتيبة الخالية من الفرحة والجديد انك مجرد فزاعة سوداء في حقل اخضر يانع .. فزاعة سكنتها الأرواح بعد أن أقفرت الحقول ونضبت المروج من حولها حين احتلتها الرياح وأحاطت بها العتمة.

هل تستطيع التمادي في أحلامك؟ هذا ما يبدو، لكن لم تكن تتوقع أبدًا أن يصبح أجمل أحلامك.. كابوسا يحول مخدتك الناعمة إلى صرة مليئة بالشوك والمسامير.. لم تكن تتوقع او تتصور انه بإمكانك يوما أن تحب. فما كدت تحس بنسيمه يهب على روحك اليابسة.. وينعش جفافها كقطرات الندى حتى أدركت متأخرا أن أمرك كان مقضيا. أنسيت انك شخص بلا قلب؟ أغفلت انك الآن غريق في جب عميقة هجرت القوافل كل الطرق القريبة منها. أنت الآن كغريب مفقود في بلاد الأعداء.. يلزمك العيش بينهم سرا وكأنك واحد منهم؛ فأنت مجبر على العيش في حياة موقوفة التنفيذ للأبد وأن تحمل في أعماقك السرية تقية الحب الأزلي.

نعم كان شعورك بالحب اكبر كابوس نزل عليك من السماء فحرم عليك اللجوء إلى السرير ما عشت.. وجعلك تطلق كل أحلامك التي لم تكن أبدا وردية. تتساءل مع نفسك في عناد: ألا يحق للشخص أن يصلح أخطاءه ولو في وقت متقدم من عمره؟ ولكن يتضح لك بالملموس انك أنت نفسك بالذات خطأ أكبر مما ارتكبته بنفسك. ثم أيكفي أن تعلن لمن تحبه عن حبك له حتى مع ألف دليل وبرهان عليه؟ هل هذا كاف لإقناعه بفتح باب الدخول إلى قلبه؟ من يستطيع أن يحلم مثلما حلمت أنت.. وانتهى بك المطاف إلى أن تسجن نفسك في سجن أنت بنيته وفقدت خارطة الخروج منه. من يستطيع الدخول معك إلى نفقك المرعب؟ بل أيمكنك أن تسمح فعلا لأحد وأنت تحبه أن يزجّ بنفسه في أغوار متاهاتك. مغامرا بحياته فقط ليضيء لك حلكة ليلك ونهارك؟لا تسعد بكلمات الحب التي تسمعها ؛ فلطالما كانت تختفي وراءها أقسى عذاباتك . لا تصدق انك ممكن أن تعيش أياما غير ما تحيي ..لا تنتظر الذي سيأتي وهو لن يأتي.. كن عاقلا يا رجل لا تكن أنانيا.. ألم تنضج بعد؟ ألا يكفي أن تصالح إيمانك بان دواسة التاريخ لا تعود قط إلى الوراء.. إن أحلى الحلول أمامك مر مذاقه.. ألم تسمع الشاعر يقول: تجري الرياح بما لا تشتهي السفن؟ فدع سفينتك تبحر كما اشتهت لها الرياح وأنت اعلم من غيرك انك اضعف من مواجهة سطوة الأمواج. هل تريد أن تقول انه نبت لك قلب جديد؟ علمه إذن أن لا يحب أبدا.. أو علمه أن لا يتوقف عن الحب أبدا.

ملحوظة// وانتهت الأحلام. لأني ما عدت أنام.

(مدينة الضياع: 8 و9 فبراير ليلا، 2010؛ اتفاق نشر متبادل مع منتدى بسمة للمثليين والمثليات المغاربة)

بقلم مسك الليل

Guest Contributor

Leave a Reply