سلسلة حبر الأيام: الرسالة – 1

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (5 votes, average: 4.80 out of 5)
Loading ... Loading ...

708 views

تستضيف بخصوص في هذا العدد الجزء الأول من سلسلة حبر الأيام التي تروي قصة حقيقية بقلم بطلتها شخصيا، على أن تتابع تشر الأجزاء اللاحقة تباعا في الأعداد القادمة.

أخط قلمي لأكتب بداية مسيرتي المليئة بالمطبات الصعبة، طفولة أقل من عادية في بيت عادي، أب وأم، أخ وأخت، وأنا الابنة الوسطى ولكم أن تتخيلوا معنى الوسطى في بيئة شرقية يتمركز فيها الابن الوحيد الصدارة في الأسرة والابنة الصغرى تليه في نيل القدر ذاته من الحب والاهتمام أما أنا فلي ربٌ اسمه الكريم.

عليّ أن أحبس آلامي ودموعي داخلي مفضلة الصمت. كنت أحس أنني غيرهم لست مثلهم، حساسيتي مفرطة رغم صغر سني. كنت أعي ما يحصل أمامي وأني كنت عاجزة عن فهم بعض الأشياء منها. وكنت أحبس أنفاسي ليلاُ وأتقوقع داخل مرتبتي الأرضية وأنا أرى والدي و والدتي يلتحمان في عناق محموم تملؤه الحرارة والآهات محاولة أن أفهم ما يدور حولي دون جدوى سوى انه من الواجب علي البقاء مكاني العب دور النائمة رغم حاجتي الملحة لدخول الحمام فأنا أعاني من حصى في الكلى وحصرياً ليلاً تزداد رغبتي بالذهاب لقضاء حاجتي وطبعاً النتيجة معروفة التبول في سريري والتعرض طبعاً للتقريع والاهانة رغم أن حساسيتي منعتني من إيقاف ما يعمله أبواي أمامي وكأن ضاقت بهما رغم وجود غرفة اخرى في المنزل لكنهما يأبيان إلا بممارسة ما فهمته عندما كبرت وهو الجماع.

لم أجد حضن أمي يوماً ولا حنانها الذي طالما تقت إليه في ليلي رغم أنها ترقد جوادي تحتضن أختي بحب شديد لطالما حسدتها عليه. كبرت وكبرت حاجتي للحنان والدفء الذي كنت اراه وأحسه في وجود مدرساتي وفي من هم أكبر من سناً كنت أشعر بالغيرة على مدرسة اللغة الانكليزية ممشوقة القوام، سوداء وكحيلة العينين ذات الصوت المبحوح الذي عندما أسمعه أنفصل عن العالم كله، عن زميلاتي، عن وجودي وأتخيلها أمامي تأخذني بقوة تحتضنني بقوة وحرارة، أذوب بين يديها تاركة ذلك الشعر الغزير الأسود الذي يحيط بوجهها ينساب على وجهي لأشمّ أجمل عطر صنعته الطبيعة. كنت أتلقى التوبيخ دائماً على شرودي أثناء الدرس وكنت كل ما أفعله هو تقديم نظرة عتاب شديدة الوقع أصوبها نحوها وكأنها تعلم ما بداخلي من أحساسيس. كل ما كنت أعرفه عن مادتها هو حضورها والقائها علينا التحية

Good morning girls

نرد بصوت واحد

Good morning miss

How are you?

We are fine, thank you

Any question?

وطبعاً نرد بكلمة No. والويل الويل لمن تقول yes  فهي ستأخذ من وقتنا الكثير بالشرح وأنا أريد الانفراد بها غرفة الدرس تحت أي بند فقط لكي أشبع من وجودها معي. لم أنظر قد إلى من في مثل عمري أبداً. وكنت أقضي وقتي كله بالقراءة وكنت قوية في مادة التعبير ( الارشاد) غرست جميع أفكاري ومشاعري على أوراق كنت أحرقها أو أمزقها لا أدري لماذا وعلى الغالب لأنه لم يكن هناك مكان خاص بي احتفظ بها فيه، فالكمبيوتر لم يغزو عالمنا وقتها ولا المحمول ولا أي تقنية، قد تكون هنالك خزن خاصة ولكن لمن يعيشون جواً ارستقراطي ثري حينها ولم نكن منهم، ولم يسبب ذلك لي أي نوع من النقص لأنني عندما كبرت جاهدت ووصلت للحصول على كل ما عجزت عن الحصول عليه حينها ومن خلال قراءتي للعديد من الكتاب والكاتبات وجدت نفسي وقتها قريبة جداً من الكاتبة الدكتورة نوال السعداوي التي فتحت ناظري عن أشياء كثيرة كنت أجهلها وحاولت معرفتها دون جدوى أول خروجي من قوقعتي كانت عندي بلوغي 16 من عمري وكان لوالدي الأثر الكبير فيها في تركي عالم الرجال إلى الأبد دون ندم.

كنا نسكن وقتها في حي نحن الوحيدين الذين نملك ثلاجة وكان هناك مجموعة من الشباب قد أتوا لقضاء بعض الوقت لمخيم تدريبي في مدرسة قريبة منا و طبعاً أحدهم كان يحضر باستمرار لاستعارة بعض قوالب الثلج وكان شيء عادي أقوم به أن أحضر له هذه القوالب وقد كان الخط الأخر عندما سلمني رسالة وطلب مني قراءتها والرد عليها، لم اعرف وقتها بماذا أجيب لكنني أخذتها منه ودخلت البيت. بعد انتهائي من تأدية واجباتي المنزلية وتأكدي من خلو المنزل، جلست على طرف السرير لأقرأ الرسالة، صعقت لوجود والدي يدخل الغرفة وينظر إليّ سائلاً إياي ماذا بيدي أجبته وأنا غائبة عن الوعي انها رسالة من جارنا، أخذها مني حينها، دارت الدنيا بي وشعرت بخوف رهيب، فأنا أعرف انه صعيدي الجذور ولا يقبل بمثل هذه الأشياء مطلقاً.

بقلم “امرأة حديدية”

Guest Contributor

Leave a Reply