نظر إلي ابني يوماً وناداني “ماما”
939 viewsp>
عشت كل حياتي أعتقد أن أهلي وأمي تحديداً يكرهونني، ويتمنون لو أني ما خلقت. بادلتها هذا الحب بالكره. لكن عندما صرت أنا أما لمرتين متتاليتين، ولولدين لم يحملهما بطني ولم أضعهما ؛ اذ أن مساهمتي توقفت عند وضعي لجيناتي بأحشائي أمهما الثانية، واسمحوا لي أن اسميها كذلك ؛ عندها فقط تأكدت أن من المستحيل أن تكره أم ذريتها. يمكن لها أن تحب بالطريقة الخطأ لكنها لا تكره. عشت أعراض الحمل من غثيان وتقيؤ ورغبات غريبةٍ ومفاجئة. لم يكن عندي حس الأمومة قبل مجئ ولدي ولم أكن أعتقد أني أمتلك هذا الحس، لدرجة أني كنت أقبل طفلاً فقط لمسايرة أهله. عندما يكون هذا المخلوق الصغير أمامك وهو يناديك بكل جسمه وملامحه التي أخذها منك، وهو يحمل جيناتك. عندما يضحك أولى ضحكاته وتتحول هذه الضحكات إلى مسكنات لأحزانك. عندما يخطو أولى خطواته وتجدين نفسك تستبقين خطواته وترسمين له طوق أمان لحمايته. عندما تمرضين لمرضه وتتألمين لألمه ؛ عندما ترجعين إلى البيت وتنهار متاعبك لمجرد أن يفتح ذراعيه مبتسماً وهو يستقبلك ؛ عندما تفاجئين وهو نائم بحضنك ويداه الصغيرتان ملتفتان حول عنقك وقلبه يخفق على صدرك ، تفاجئين نفسك وأنت تغمرينه بنظراتك متمنية أن تتوقف عقارب الساعة هنا. تفاجئين بأنك مستعدةٌ أن تجوعي كي يشبع، وأن تبردي كي يدفأ ، وأن تتعبي كي يرتاح ، وأن تموتي كي يعيش. تفاجئين أيضاً بهذا الصراع الذي يبدأ بين عقلك وقلبك . قلبي يدفعني إلى أن أمتلك هذا الطفل، وعقلي الذي يلح أن ابني كيان مستقل عني، سيأتيه يومٌ ويطير بجناحيه مستقلا عني. أعتقد أن الإنسان هو الحيوان الوحيد بالمعمورة الذي عنده نزعة تملك أولاده ؛ كل الحيوانات تدفع أولادها الى الرحيل بعد سنين معينة، إلا الإنسان، ربما لأنه حيوانٌ مفكر لا يستطيع إلا أن يفكر بالمستقبل.
نظر إلي ابني يوماً وناداني “ماما”. إلتفت وأنا أشير إلى أمه الثانية قائلةً هذه ماما؛ لكنه رجع الي رافعاً يديه نحوي وهو يقول “ماما”. ابني ذو السنة ونصف السنة يناديني أنا المرأة المتحولة “ماما”؟ ابني ذو السنة ونصف السنة يقر بأمومتي، أنا المرأة المتحولة ؟
لن أكون موجودةً عندما التحق ابني بالمدرسة، ولن أكون موجودةً عندما ستنمو أول وبرات ذقنه ، ولا عندما ستقرصه أولى لسعات الحب…ابني أحمله في قلبي، وأتذكره مع أنفاسي كل لحظة، وأهديه صلواتي… فأنا في آخر المطاف أم .
Leave a Reply