!وقفت “غلامة” وقالت
694 viewsغلامة راحت مشوار برات البلد بسياق برنامج تبادل ثقافي، بالرغم من تحفظاتها على مبادرات التبادل الثقافي والمؤتمرات الشبابية، حملت غلامة غلمنتها وراحت تشوف بلاد الله الواسعة.
وبالرغم من غايدار غلامة الرديء، لاحظت من اليوم الأوّل إنها مش الإنسانة الوحيدة ذات الميول و/أو الهوية غير التقليدية. طبيعي، نحنا جزء لا يتجزأ من المجتمع الصحي. بس الفرق ما بين غلامة وسائر ذوي/ات الهوية والميول غير التقليدية بهالمؤتمر، كان إنها الوحيدة اللي فعلياً دخلت عالم المناصرة من باب الحرية الجندرية والجنسية.
بس مش هيدا هوي الموضوع، الموضوع هوي إنّو بنهار كان في محاضرة عن حقوق الإنسان وشموليتها، وكان النشاط إنّو نتقسّم لمجموعات وكل مجموعة بتحصل على مقال بيناقش جانب من جوانب حقوق الإنسان. المجموعة تبعنا حصلت على مقال بيناقش ديباجة الحجاب بأوروبا. بس كان في مجموعتان طلعلهن مقال عن القس السويدي اللي قال إنّو المثليين سرطان عم يتفشّى بالمجتمع (بوقتها هيدا القسّ انجرّ عالمحكمة بتهمة الدعوة للعنف). بالتالي، النقاش بالمبدأ كان مفروض يكون عن ما إذا كان التصريح دعوة للعنف ولّا ممارسة مشروعة لحريّة التعبير.
لمّا إجا وقت العرض، يعني لمّا كل مجموعة بتعرض للبقية نتائج الحوار الداخلي، تفاجأت لمّا سمعت إنّو حصيلة الحوار بالفريق الأوّل كان إنّو بتفرق إذا كانت “الحالة” “مسيّرة” أو “مخيّرة”، بمعنى إنّو في فرق إذا الإنسان اختار يكون مثلي يمّا إذا كانت هيدي طبيعته اللي ما ممكن يغيّرا!
أمّا الفريق التاني، وهون العزّ والرزّ، فكانت حصيلة مناقشاته إنّو هنّي ما عندن مشكل مع “هودي العالم”، بالنهاية، “أنا عندي كتير رفقة غايز ولزبيانز. بس ما بدّي إبني يشوف شبّين عم بيبوسوا بعض بالشارع”. بطبيعة الحال حسّيت بالإهانة، مش أوّل مرّا بواجه هيك موقف بس كل مرّا بحسّا متل أوّل مرّا.
ما تنسوا إنّو غلامة مش مثلية، غلامة شاذة، غلامة فيها تكون مع شب، بشرط هيدا الشب ما يعاملها على إنّها بنت، وبالتالي غلامة “مخيّرة” ومش “مسيّرة”. من ناحية تانية غلامة ما دخلت غمار النشاط والمناصرة كرمال تحصل على الحق بممارسة الجنس مع بنت تانية بالسّر، بعيد عن نظرات الناس اللي ما بتحب تشوف شبّين عم بيبوسوا بعض.
والفكرة مش بس إنّو أنا شخصياً عندي مشكلة بالحديث اللّي صار ولكن أيضاً، إذا بتطلّعوا على تاريخ الحركة المثلية حول العالم بتلاقوا إنّو بمعظم الأحيان المثليين بينحبسوا بالأدوار اللي بيعتبروها الأكتر قبولاً بالمجتمع. منلاقي مثلاً إنّو الحركة المثلية البيضا صارعت لعقود ت تبرهن إنّو الإنسان بيخلق مثلي. وبعدهن لهلّق مرضى رهاب المثلية مش مصدقين ومصرّين إنّو الواحد بيصير مثلي لأنّو حدا اعتدى عليه ع زغر، أو من ورا المخدرات، أو التلفزيون، أو بسبب الخجل المفترض، وأكيد دايماً في شي من البعد عن الله اللي بيخلّينا “نعمل بحالنا هيك”.
أكيد ما فينا ننكر إنّو المثليين البيض قطعوا شوط كبير بصراعهن. بس المشكلة إنن أسّسوا لشبه تقبّل للمثلية كـ”حالة” (ت ما نقول مرض) ما ممكن تتغيّر، وما بتعدي (إجمالاً). ومع إنّو في نسبة كبيرة من المثليين بينطبق عليهن هيدا الوصف للمثلية، في كتير ناس غير. في كتير ناس مزدوجي الجنس، وفي ناس ترانس، وفي ناس ما عرفوا عن عدم مطابقة ميولهن وهويّتن للقوالب الإجتماعية إلا ع كبر.
من ناحية تانية، صحيح إنّو انخفضت بشكل كبير نسبة الناس اللي ممكن تقتل مثلي، أو تطردوا من وظيفته، الخ. بس بعدو الجزء الأكبر من المجتمع (إن كان مغاير ولّا مثلي ولّا ترانس)، بيعتبر عدم مطابقة القوالب الإجتماعية كوضع غير مستحب. ما منحب ولادنا تكون لا مثلية ولا متحوّلة، إذا شي ما بقا نضربن ت يطابقوا القوالب الإجتماعية، بس برضو، إذا فينا نتجنّب هل الكأس المرّة منتمنّى. بدليل إنّو بالولايات المتحدة، بكاليفورنيا بشكل خاص، لمّا صار في استفتاء على موضوع حق المثليين بالزواج والتبنّي، كان الجواب “لأ”.
أنا ما بدّعي إنّو أنا اللّي بعرف شو غلطة المثليين البيض، ولا بدّعي إنّو عندي الحل. كل اللّي بعرفوا إنّو لازم نجرّب استراتيجية غير “تشفّي رضى المغايرين”. برأيي، لمّا نحكي عن حقوق المثليين لازم نرفض نناقش نظرية “الطبيعة”، أو “الدّين”، أو حتى “اللياقة الإجتماعية”، بدنا نكون حازمين إنّو حقوقنا ما بتتغيّر بغض النظر عن الهوية، الميول والثقافة. ولمّا أيّ شخص بدو يناقشني عن المثلية برفض إنّو يتم ذكر كيف وليش بحس اللي بحسه، أو بنجذب للّي بنجذبله/ا.
أنا إنسانة بلبنان، حروب لبنان بتعلق فوق راسي وضرايب لبنان بدفعها متلي متل غيري، ما حدا بيناقش أهلية اللبنانيي المغايرين على تربية ولادن، ما حدا بيناقش صحّة ممارساتهن الجنسية. ليش أنا بدّن يشرّحوا حياتي ومشاعري وتاريخي ودرجة طبيعيتي وعلاقتي بالله، كل ما بدّن يناقشوا حقوقي الإنسانية؟
هيدا اللّي كنت حابّة قولوا بهيدي المحاضرة، بس الوقت ما سمحلنا، لأنّو ما كان معنا وقت نناقش استنتاجات الفرق الأخرى. وبالفعل، اللي كنت خايفة منه صار، حس بعض العالم (المغايرين عفكرة) بالإهانة لمّا سمعوا تصريحات الفريق التاني، ونظراً لضيق الوقت وقلّة براعتهن النقاشية، صاروا يعيّطوا بوجّ ممثّلة الفريق التاني (يلّي كانت بكل بساطة عم تنقل الأفكار اللي طرحت أثناء النقاش)، واتهموها بالعنصرية والهوموفوبيا. وبطبيعة الحال، كانت ردة فعلها دفاعية وقالتلهن “إي أنا عنصرية، شو إلكن معي؟”
طيّب شو العمل يا غلامة؟ غلامة قرّرت تحط النقط عالحروف. حضّرت خطابها باللّيل وكتبت على ورقة زغيرة الإشيا اللي بتعتبرن حقوقها الإنسانية الطبيعية وهي كالتالي:
الحق بالوجود
الحق بالحياة
الحق بالإحترام
الحق بالخصوصية
الحق بالإيمان
الحق بالزواج
الحق بتربية الأطفال
وتاني يوم الصبح طلبت الحق بالكلام أمام المجموعة كلّا سوا. قلتلّن إنّو بعتبر الحديث اللّي صار مبارح كان مرفوض، وحتّى إنّو كان دعوة للعنف، لأنّو تكفير الإنسان (إعتبار إنّو هويته أو ميوله أو ممارساته منافية لقوانين الله) هوي نوع من أنواع حل الدّم وإباحة القتل. وشرحتلّن إنّو لمّا بيحكوا عن “هيدولي الناس” بيكونوا عم يحكوا عنّي أنا، أنا من “هيدولي الناس”. ووضّحتلّهن إنّو لمّا بدّن يناقشوا حقوقي الإنسانية مش مقبولة إنّن يناقشوا جنسانيتي أو درجة طبيعيتي أو علاقتي بالله. وبالنهاية دعيت أي شخص بيحب يناقش أي حق من حقوقي الطبيعية إنّو يجي يحكيني بالموضوع من عشية.
متل العادة غلامة كانت مفتكرة إنّو كل الناس كانت عارفة إنّها شاذة، بس لأ، كان في ناس ما لاحظوا.
هلّق أكيد أنا توقّعت بعض العالم ما تعجبن الفكرة، وبالفعل الشخص الوحيد يلّي عن جد ما حب الفكرة كان شب كان إلو يومين عم يعبطني بالقوة ويوشوشني إنّو هوي كتير بيحبني ويسألني شو رأيي بفكرة “الحب والغرام” بيناتنا. هيدا الشخص صار شوي عدائي معي وبعدين كفّى عم يطحش عليي متل العادة.
بس من ناحية تانية كان في كتير مفاجآت إيجابية، هيدي المواجهة مثلاً فتحت المجال لعدد من العالم يجوا يحكوني ويسألوني أسئلة حشرية. في شب محافظ مثلاً قلّي بكل بساطة إنّو أنا أوّل شخص أل جي بي تي بيتعرّف عليه، وإنّو كتير بيهنّيني على شجاعتي وكتير بيحبني. وبناءً على هالحديث حكاني أحد المثليين بالمؤتمر عن حاله، وعن صعوبة حياته ببلده، وكيف ما عنده أصدقاء مثليين.
أكيد أنا حسّيت حالي غلط، عادة أنا بتجنّب إحكي عن مثليتي بالمؤتمرات ت ما صير ممثّلة المثلية العربية، بالنهاية أنا ما بمثّل إلّا نفسي، وأصلاً أوقات بتمنّى لو الناس بتشوفني كإنسانة، فقط لا غير. بس ما بندم إنّي وقفت وقلت اللّي قلته، في ناس قالولي إنّو كتير كنت عدائية، ويمكن معهن حق، بس بصراحة لو لقيت حالي بنفس الموقف مرّة تانية، ما بغيّر ولا كلمة قلتها، أنا عندي حق ومش رح إترجّا العالم تحبني!
بقلم غلامة
(كبيرة يا غلامة! – ملاحظة من المحررة “أفروديت”)
Leave a Reply