“فلسطينتي”

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (1 votes, average: 5.00 out of 5)
Loading ... Loading ...

328 views

كلنا لدينا علاقة خاصة بفلسطين. نتصورها في أذهاننا ونتكلم عنها في نقاشاتنا ونراها كيفما التفتنا. علاقاتنا بفلسطين معقدة كالحبل الملتف على نفسه، ولا سيما علاقتي أنا بفلسطين. دعوني أحدثكم/ن عنها، عن “فلسطيني”.

بدأت علاقتي بفلسطين قبل ان أفهم ما هي، أوأين هي، ولماذا هي. بدأت علاقتي بفلسطين عندما حملتني أمي بين يديها وأنا لم أتم السنة، وعادت من مسكننا في الكويت إلى موطننا “طولكرم” لتسجلني في سجلات الأردن وسجلات الضفة الغربية وسجلات “إسرائيل”*، وكل ذلك كي لا أخسر حقي الشرعي بوطني. أعطيت تصريحا وهوية منصوصة بالعربية والعبرية. وفي صغري وصباي كنت أنظر إليهما بثقل لما يحملان من متاعب وإهانة وإذلال وخوف وحواجز وجسور. ولكن كل هذا تغير مع ذهابي إلى فلسطين في العام 2008. كنت قد إنقطعت عن فلسطين ثماني سنوات، ولانقطاعي أعذار ، وأسباب مقنّعة. لكن الآن واليوم، إذا سئلت هل تريدين الذهاب، جوابي حتما سيكون نعم! تسألون ماذا تغير؟ حسنا.

كانت زيارتي الأولى لفلسطين منذ عامين زيارة عمل. فقد رأست وفداً أردنياً مشاركاً في ورشة عمل في مجال التبادل الثقافي بين سبع دول. زيارتنا استغرقت عشرة ايام فقط، لكنها كانت الأيام العشرة الأهم التي أقضيها في فلسطين. فخلالها، تعلمت عن فلسطين ما لم تعلمني اياه الكتب ولا الأهل ولا التلفاز. ناقشت وحاورت وتبادلت الأراء وقمت مع زملائي بزيارة المدن والقرى الفلسطينية.

كان الفرق بين هذه الزيارة والزيارات السابقة واضحا كوضوح الشمس. كانت هذه أول مرة أقوم بزيارة موطني وحدي وأقيم فيها خارج “طولكرم”. لذا، استطعت أن أرى بلادي بعيوني وحواسي أنا. رأيت ما لم أره من قبل، فشكلت تلك الزيارة أول اصطدام لي بالجدار العازل الذي كان أحد أسباب غيابي عن فلسطين.  لكن أهم من كل هذا، هو أن زيارتي هذه كانت أول مرة أرسخ فيها علاقتي الشخصية والذاتية والخاصة بفلسطين. رأيتها بعيني، ولمستها بأناملي، وسمعتها بأذني، وتذوقتها بفمي وشممت عبقها بأنفي، من دون “فلاتر” ولا تدخلات من أحد. أصبحت “فلسطينتي” أنا وحدي. ذهبت أين ما شئت، تكلمت مع من تعثرت بهم، تواصلت مع الناس والأرض والسماء وما بينهما كفرد، ولست كبنت فلان. كنت خارج قيود العادة والواجب والمفروض.

علاقتي الجديدة هذه بنت في ذهني وجسدي وروحي فلسطينا خاصة بي. واليوم “فلسطينتي” هي فلسطين الجميلة والصامدة بذاكرتها حية. هي فلسطين الزيتون والزيت والزعتر وسيارة الأجرة من بلدة إلى بلدة. فلسطين الحج والحجة وفطاير الجبنة. فلسطين الكبار والصغار المحاصرين بجدار من الإسمنت  والزمن القاهر. فلسطين قد توقف فيها الدهر، برغم عدم توقف الدهر من حولها. فلسطين امرأة جميلة فاتنة مغتصبة، معنّفة، مسلوبة الشرف والكرامة. لكن هي أيضا مليئة بالأمل والتفاؤل والحب والحنان لما كان، لديها الكثير مما تعطيه من الحنية والوئام والفكر والطاقات.  هذه “فلسطينتي”، فلسطين التناقضات.

“اسرائيل”: كيان مغتصب مسمى جزافا “دولة”، أقامه الصهاينة على أرض فلسطين التاريخية.

- Contributed by Dyke Drives

Guest Contributor

Leave a Reply