مين خرّب بنتي
604 views
“انتِ مش بنتي اللي بعرفها، مش بنتي اللي ربيتها، الحق على صاحباتك اللي مرافقتيهن هنّ اللي خربوك!” هذه الجمل ذاتها التي سمعتها من أهلي، ونفس الجمل وأخرى مشابهة لها سمعتها صديقاتي هي الأخرى من أهاليها. “مين اللي خرب بنتي؟!” هذا ما شغل بال أهالينا، هذه ردة فعلهم الأولية لإفصاحنا عن مشاعرنا التي لا تتلاءم وقواعد المجتمع وقاعدة مشاعر أفراده بما فيهم أفراد عائلتي. اختلافي عنهم يعني لهم وجود خللٌ ما، وان مصدر هذا الخلل وبلا شك شيء ما خارج نطاق حصنهم العائلي، جهة ما أخرى يمكن إلقاء اللوم عليها.
لكن لما كل هذا الغضب؟! من قال ان الاختلاف يكون بالضرورة نتيجة تأثر خارجي؟ إني بالحقيقة أتفهم غضب أهلي وحزنهم، أعرف أن ما يمر على الأهل في هذه المواقف، أي تلقي صدمةً كهذه ليس بالهيّن أبداً.
ينسب الأهل كل ما يبدر عن أبنائهم وبناتهم إلى أنفسهم وتربيتهم التي لا تشوبها شائبة بالطبع. لكن عندما يُصدم الأهل باختلاف ابنتهم عن القاعدة المجتمعية التي ربوها عليها، يلجئون إلى تفسير ذلك كخلل ما في ابنتهم، خلل يُسقطونه على أنفسهم لظنهم ان تربيتهم هي أداة الهندسة الرئيسية التي تصقل وتحدد من تكون وكيف تكون ابنتهم. وأنه إن كانوا ربوا ابنتهم على قواعد ومبادئ معينه فعليها أن تبقى كذلك وأن تحقق توقعاتهم منها. ومن هنا ينبع شعورهم بالذنب الذي سرعان ما يقومون بإنكاره وإسقاطه على شخص ما أو جهة ما أخرى، غالبا ما تكون الجهة المتهمة عبارة عن الأشخاص الذين لهم علاقة قريبة مع ابنتهم. أحياناً يقوم الأهل بتوجيه أصابع الاتهام إلى عواملٍ أخرى باعتبارها دخيلة، كالتلفزيون، الانترنت، الكتب، الجامعة وغيرها.
أحياناً يكون عند أهالينا شك بالنسبة لمثليتنا وتصرفاتنا أو أصدقاءنا ولكنهم يحاولون إنكارها او عدم إظهارها لأنها مجرد شكوك ولأن الحقيقة لم تخرج للنور أمامهم وأمام المجتمع بعد. لذا يحاولون إبعاد هذه الشكوك لكي لا ينتهي بهم الأمر بتصديقها. أخبرتني إحدى الفتيات بما تواجهه مع أهلها “أمي بتعرف صديقتي فلانة، بروح عندها وبتيجي عنا من زمان، ومن فترة أمي سمعت أنها مثلية، وسألتني بس أنا أنكرت، أنا بعرف أنه امي مش حابة اني أكون صحاب معها بس بنفس الوقت ما بتقدر تقول اشي اسا فجأة لأنها بتعرف انها من أعز صاحباتي من زمان والمفروض انه ما يتغير اشي”.
غالبا ما يشعر أهلنا باختلافنا منذ الصغر، او في فترة المراهقة، ففي بعض الحالات يكون ذلك واضحا كالشمس، لكنهم عادة ما يفضلون التغاضي عن الأمر واستبعاده، قد تثار شكوكهم من جديد عند علمهم أو شكهم باحتمال مثلية أحد أصدقاءنا، فليس لهم إلا محاولة إسقاط أسباب ما هو غير متوقع منّا على أصدقائنا. والحل بالطبع في هذه الحالة من وجهة نظرهم إبعادنا عن من هم أصدقاء السوء. إلا أنني على ثقة بأنه وفي داخلهم يعرفون ان ابنتهم لم تتغير لأنها كانت على هذه الحال منذ الصغر.
حدثتني إحدى صديقاتي أنها كلما أرادت أن تخرج مع صديقتها تبدأ أمها بالنق: “ليش طالعات؟ ما انتوا طلعتوا هذا الاسبوع، مفش حاجة تروحي، مش راح تموتي لو ما شفتيها”، “اذا بدك تروحي تعيشي معها روحي”، “ليش هالقد زعلانه؟ شو حبيبتك هي؟”.
لا شك عندي بنوايا الأهل الطيبة، يقولون ما يقولون ويفعلون ما يفعلون ظناً منهم أنهم يحرصون على مصلحتنا، ويريدون لنا الأفضل، ولكن في كثيرٍ من الأحيان هناك تناقض بين ما نراه نحن يخدم مصلحتنا وما يرونه هم. في اغلب الأحيان وبالذات في مجتمعنا العربي يرى الأهل مصلحتنا في تقبل المجتمع لنا وإتباعنا لشرائعه، وتحاشينا كل مواجه ممكنة له. رغم علم أهالينا أن ليس كل ما هو مُتبَع في المجتمع صحيح، أو ليس كل ما يحدده المجتمع ملائم لنا، ولكن من الطبيعي أن يكون إتباع التيار أسهل من الخروج عنه، لذا يُفضلون ما هو أسهل، فمثلاً، عندما يسمحوا لنا بلبس لباس معين أو بتصرف مُعين خارج منطقة سكننا ومعارفنا، أي خارج مجتمعنا المحيط ولا يسمحون بنفس اللباس أو التصرف داخل هذه المنطقة وذلك لكي لا يضطروا سماع أي كلام من الناس وليتحاشوا مواجهة المجمع. وكذلك الأمر بالنسبة لمثليتنا، بعض العائلات حين تدرك مثلية بناتها تفضل أن تسكنها بعيداً عنهم وعن مجتمعهم لألا يعرف الناس وليتفادوا مواجهة المجتمع بمثلية بناتهم. لا نريد أن نخرج نحن من الخزانة لنضع أهلينا في خزانة يختبئون فيها من بطش المجتمع وقيوده، ولكن من الصعب أن نحيا نحن حياتنا بالسر داخل الخزانة، اذا أردنا تغيير نظرة المجتمع لمن مثلنا علينا أن نبدأ أولا بأنفسنا وأن نتحمل نحن وأهالينا مواجهة المجتمع بشجاعة وفخر، لا شك بان الثمن سيكون باهظا، إلا أن ذلك قد يؤدي في نهاية المطاف الى شرعنة المجتمع للمثلية الجنسية تماما كما اعتاد عليها أهالينا وتقبلوها.
هنالك ادعاءٌ دائم بأن المثلية استوردت من الغرب، كل ما يأتي من الغرب كالبرامج التلفزيونية،الأفلام والانترنت وحتى الكُتُب أحياناً وكل جديد يوحي بالانفتاح يُزج به بقفص الاتهام أيضا، “هاي الأفلام اللي بتحضريها هي اللي خربتك! هادا الانترنت اللي قاعده قباله كل النهار قلبلك عقلك!” والكثير من الصيغ المُشابهة لهذه الجمل التي تعلوا بأفواه أمهاتنا بالذات حين تطلب منا أن نساعدها في شغل البيت ونقول “ليش ما تطلبي من أخوي يساعدك؟” ولكن لا مفر هذه أمهاتنا وهذا ما نشأت عليه، لا ألومهن على ذلك. فلربما لم تكن متوفرة لهن تلك الكتب التي أكدت لي أني على حق بما أشعره، بأنه لا يوجد هناك أي فرق بيني وبين أخي، او الانترنت الذي أقرأ فيه عن نساء يطالبن بحقوقهن وبالمساواة، لم تكن هناك أفلام تُظهِر قوة المرأة وتأثيرها في المجتمع وأنها ممكن أن تكون ما تريد وتفعل ما تريد بما يمليه عليها إحساسها، لم تذهب أمهاتنا إلى الجامعة لترى أن هناك نساء يقفن ويتظاهرن من أجل حقوقهن، من أجل نيل حرياتهن، ولكي لا يأتي ذلك اليوم الذي تقول لابنتها “بس لما تتزوجي اعملي اللي بدك اياه، اسا لا!”.
لماذا يظن أهالينا أن هذه الصديقات، أو نساء الجمعيات الآتي تعرفت عليهن بمظاهرة أو من على الانترنت أو الكتب كانت ذا تأثير سلبي علي؟! لما لا تكون على العكس من ذلك، عززت شجاعتي وجعلتني أقوى على النهوض لأقول بصوتٍ يسمعه كل البشر “أنا هنا، أنا انسانه قبل أي شيء، لي حقوقي ان كنت مثلية أو مثلكم، انا هي أنا وسأبقى إن شاء العالم أم أبى”، أليس هذا أفضل من أن أنساب مع مجتمعٍ ذكوري لا يمثلني، بل يكاد يمحي وجودي، يريدني تابعة للرجل فقط! يرفضني لأني رفضت أن أتبعه ورضيت به صديقاً ليس أكثر وأردت للمرأة أن تكون لي حبيبة وشريكة!
لم أعرف يا أبي ذلك السبب الذي جعلك تأخذ مني ذلك الكتاب الذي يتحدث عن حقوق المرأة، ألانك تخشى على سلطتك منه أم لأنك أردت لحياتي أن تكون أسهل بدونه، ألأنك تخشى أن أُدرك معنى تلك الحقوق ويقوم المجتمع بنفيي ورفضي لو طالبت بها؟!
أمي، أبي، أخوتي ومجتمعي، أعلم أن تقبل مثليتي ليس سهلاً، لكني لست بمصيبةٍ حلّت عليكم، أنا منكم واختلافي عنكم ليس ذنبي ولا ذنبكم بل هو ليس بالذنبٍ أصلاً لتتحملوه أو تلقوه عليّ أو على أصدقائي أو كتبي أو أي شيء آخر. لم أُخّيَّر في ذلك، كما لم أُخَيَّر في أن أكون ابنتكم أو من مجتمعكم، هذه هي حقيقتي التي لن أخفيها ولن أخجل بها كما لن أخجل بكم.
لذا دعونا ننظر للأمور بمنظور اوسع ولنسقط تلك الرؤية الضيقة، دعونا نبحث عن الايجابي، عن ما قد يقود مجتمعنا الى الأفضل، وليس الانشغال بان كنت سأغفى بجانب امرأةٍ أو رجل.
بقلم زوي هواري، ناشطة نسوية وعضوة في مجموعة أصوات.
مين خرّب بنتي
“انتِ مش بنتي اللي بعرفها, مش بنتي اللي ربيتها, الحق على صاحباتك اللي مرافقتيهن هنّ اللي خربوك!” هذه الجمل ذاتها التي سمعتها من أهلي, ونفس الجمل وأخرى مشابهة لها سمعتها صديقاتي هي الأخرى من أهاليها. “مين اللي خرب بنتي؟!” هذا ما شغل بال أهالينا, هذه ردة فعلهم الأولية لإفصاحنا عن مشاعرنا التي لا تتلاءم وقواعد المجتمع وقاعدة مشاعر أفراده بما فيهم أفراد عائلتي. اختلافي عنهم يعني لهم وجود خللٌ ما, وان مصدر هذا الخلل وبلا شك شيء ما خارج نطاق حصنهم العائلي, جهة ما أخرى يمكن إلقاء اللوم عليها.
لكن لما كل هذا الغضب؟! من قال ان الاختلاف يكون بالضرورة نتيجة تأثر خارجي؟ إني بالحقيقة أتفهم غضب أهلي وحزنهم, أعرف أن ما يمر على الأهل في هذه المواقف, أي تلقي صدمةً كهذه ليس بالهيّن أبداً.
ينسب الأهل كل ما يبدر عن أبنائهم وبناتهم إلى أنفسهم وتربيتهم التي لا تشوبها شائبة بالطبع. لكن عندما يُصدم الأهل باختلاف ابنتهم عن القاعدة المجتمعية التي ربوها عليها، يلجئون إلى تفسير ذلك كخلل ما في ابنتهم, خلل يُسقطونه على أنفسهم لظنهم ان تربيتهم هي أداة الهندسة الرئيسية التي تصقل وتحدد من تكون وكيف تكون ابنتهم. وأنه إن كانوا ربوا ابنتهم على قواعد ومبادئ معينه فعليها أن تبقى كذلك وأن تحقق توقعاتهم منها. ومن هنا ينبع شعورهم بالذنب الذي سرعان ما يقومون بإنكاره وإسقاطه على شخص ما أو جهة ما أخرى, غالبا ما تكون الجهة المتهمة عبارة عن الأشخاص الذين لهم علاقة قريبة مع ابنتهم. أحياناً يقوم الأهل بتوجيه أصابع الاتهام إلى عواملٍ أخرى باعتبارها دخيلة, كالتلفزيون, الانترنت, الكتب, الجامعة وغيرها.
أحياناً يكون عند أهالينا شك بالنسبة لمثليتنا وتصرفاتنا أو أصدقاءنا ولكنهم يحاولون إنكارها او عدم إظهارها لأنها مجرد شكوك ولأن الحقيقة لم تخرج للنور أمامهم وأمام المجتمع بعد. لذا يحاولون إبعاد هذه الشكوك لكي لا ينتهي بهم الأمر بتصديقها. أخبرتني إحدى الفتيات بما تواجهه مع أهلها “أمي بتعرف صديقتي فلانة, بروح عندها وبتيجي عنا من زمان, ومن فترة أمي سمعت أنها مثلية, وسألتني بس أنا أنكرت, أنا بعرف أنه امي مش حابة اني أكون صحاب معها بس بنفس الوقت ما بتقدر تقول اشي اسا فجأة لأنها بتعرف انها من أعز صاحباتي من زمان والمفروض انه ما يتغير اشي”.
غالبا ما يشعر أهلنا باختلافنا منذ الصغر, او في فترة المراهقة, ففي بعض الحالات يكون ذلك واضحا كالشمس, لكنهم عادة ما يفضلون التغاضي عن الأمر واستبعاده، قد تثار شكوكهم من جديد عند علمهم أو شكهم باحتمال مثلية أحد أصدقاءنا, فليس لهم إلا محاولة إسقاط أسباب ما هو غير متوقع منّا على أصدقائنا. والحل بالطبع في هذه الحالة من وجهة نظرهم إبعادنا عن من هم أصدقاء السوء. إلا أنني على ثقة بأنه وفي داخلهم يعرفون ان ابنتهم لم تتغير لأنها كانت على هذه الحال منذ الصغر.
حدثتني إحدى صديقاتي أنها كلما أرادت أن تخرج مع صديقتها تبدأ أمها بالنق: “ليش طالعات؟ ما انتوا طلعتوا هذا الاسبوع, مفش حاجة تروحي، مش راح تموتي لو ما شفتيها”, “اذا بدك تروحي تعيشي معها روحي”, “ليش هالقد زعلانه؟ شو حبيبتك هي؟”.
لا شك عندي بنوايا الأهل الطيبة، يقولون ما يقولون ويفعلون ما يفعلون ظناً منهم أنهم يحرصون على مصلحتنا, ويريدون لنا الأفضل, ولكن في كثيرٍ من الأحيان هناك تناقض بين ما نراه نحن يخدم مصلحتنا وما يرونه هم. في اغلب الأحيان وبالذات في مجتمعنا العربي يرى الأهل مصلحتنا في تقبل المجتمع لنا وإتباعنا لشرائعه, وتحاشينا كل مواجه ممكنة له. رغم علم أهالينا أن ليس كل ما هو مُتبَع في المجتمع صحيح, أو ليس كل ما يحدده المجتمع ملائم لنا, ولكن من الطبيعي أن يكون إتباع التيار أسهل من الخروج عنه, لذا يُفضلون ما هو أسهل, فمثلاً, عندما يسمحوا لنا بلبس لباس معين أو بتصرف مُعين خارج منطقة سكننا ومعارفنا, أي خارج مجتمعنا المحيط ولا يسمحون بنفس اللباس أو التصرف داخل هذه المنطقة وذلك لكي لا يضطروا سماع أي كلام من الناس وليتحاشوا مواجهة المجمع. وكذلك الأمر بالنسبة لمثليتنا, بعض العائلات حين تدرك مثلية بناتها تفضل أن تسكنها بعيداً عنهم وعن مجتمعهم لألا يعرف الناس وليتفادوا مواجهة المجتمع بمثلية بناتهم. لا نريد أن نخرج نحن من الخزانة لنضع أهلينا في خزانة يختبئون فيها من بطش المجتمع وقيوده, ولكن من الصعب أن نحيا نحن حياتنا بالسر داخل الخزانة, اذا أردنا تغيير نظرة المجتمع لمن مثلنا علينا أن نبدأ أولا بأنفسنا وأن نتحمل نحن وأهالينا مواجهة المجتمع بشجاعة وفخر, لا شك بان الثمن سيكون باهظا, إلا أن ذلك قد يؤدي في نهاية المطاف الى شرعنة المجتمع للمثلية الجنسية تماما كما اعتاد عليها أهالينا وتقبلوها.
هنالك ادعاءٌ دائم بأن المثلية استوردت من الغرب, كل ما يأتي من الغرب كالبرامج التلفزيونية,الأفلام والانترنت وحتى الكُتُب أحياناً وكل جديد يوحي بالانفتاح يُزج به بقفص الاتهام أيضا, “هاي الأفلام اللي بتحضريها هي اللي خربتك! هادا الانترنت اللي قاعده قباله كل النهار قلبلك عقلك!” والكثير من الصيغ المُشابهة لهذه الجمل التي تعلوا بأفواه أمهاتنا بالذات حين تطلب منا أن نساعدها في شغل البيت ونقول “ليش ما تطلبي من أخوي يساعدك؟” ولكن لا مفر هذه أمهاتنا وهذا ما نشأت عليه, لا ألومهن على ذلك. فلربما لم تكن متوفرة لهن تلك الكتب التي أكدت لي أني على حق بما أشعره, بأنه لا يوجد هناك أي فرق بيني وبين أخي, او الانترنت الذي أقرأ فيه عن نساء يطالبن بحقوقهن وبالمساواة, لم تكن هناك أفلام تُظهِر قوة المرأة وتأثيرها في المجتمع وأنها ممكن أن تكون ما تريد وتفعل ما تريد بما يمليه عليها إحساسها, لم تذهب أمهاتنا إلى الجامعة لترى أن هناك نساء يقفن ويتظاهرن من أجل حقوقهن، من أجل نيل حرياتهن, ولكي لا يأتي ذلك اليوم الذي تقول لابنتها “بس لما تتزوجي اعملي اللي بدك اياه, اسا لا!”.
لماذا يظن أهالينا أن هذه الصديقات, أو نساء الجمعيات الآتي تعرفت عليهن بمظاهرة أو من على الانترنت أو الكتب كانت ذا تأثير سلبي علي؟! لما لا تكون على العكس من ذلك, عززت شجاعتي وجعلتني أقوى على النهوض لأقول بصوتٍ يسمعه كل البشر “أنا هنا, أنا انسانه قبل أي شيء, لي حقوقي ان كنت مثلية أو مثلكم, انا هي أنا وسأبقى إن شاء العالم أم أبى”, أليس هذا أفضل من أن أنساب مع مجتمعٍ ذكوري لا يمثلني, بل يكاد يمحي وجودي, يريدني تابعة للرجل فقط! يرفضني لأني رفضت أن أتبعه ورضيت به صديقاً ليس أكثر وأردت للمرأة أن تكون لي حبيبة وشريكة!
لم أعرف يا أبي ذلك السبب الذي جعلك تأخذ مني ذلك الكتاب الذي يتحدث عن حقوق المرأة, ألانك تخشى على سلطتك منه أم لأنك أردت لحياتي أن تكون أسهل بدونه, ألأنك تخشى أن أُدرك معنى تلك الحقوق ويقوم المجتمع بنفيي ورفضي لو طالبت بها؟!
أمي, أبي, أخوتي ومجتمعي, أعلم أن تقبل مثليتي ليس سهلاً, لكني لست بمصيبةٍ حلّت عليكم, أنا منكم واختلافي عنكم ليس ذنبي ولا ذنبكم بل هو ليس بالذنبٍ أصلاً لتتحملوه أو تلقوه عليّ أو على أصدقائي أو كتبي أو أي شيء آخر. لم أُخّيَّر في ذلك, كما لم أُخَيَّر في أن أكون ابنتكم أو من مجتمعكم, هذه هي حقيقتي التي لن أخفيها ولن أخجل بها كما لن أخجل بكم.
لذا دعونا ننظر للأمور بمنظور اوسع ولنسقط تلك الرؤية الضيقة, دعونا نبحث عن الايجابي, عن ما قد يقود مجتمعنا الى الأفضل, وليس الانشغال بان كنت سأغفى بجانب امرأةٍ أو رجل.
زوي هواري هي ناشطة نسوية وعضوة في مجموعة أصوات.
“أولادكم ليسوا لكم
أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها, بكم يأتون إلى العالم, ولكن ليس منكم.
ومع أنهم يعيشون معكم, فهم ليسوا ملكاً لكم.
أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم, ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم, لأن لهم أفكارا خاصةً بهم.
وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادهم.
ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم.
فهي تقطن في مسكن الغد, الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى ولا في أحلامكم.
وإن لكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم.
ولكنكم عبثاً تحاولون أن تجعلوهم مثلكم.”
النبي
جبران خليل جبران
إصدارات أصوات السابقة:
· أين التاريخ من المثليّة الجنسيّة
· المثليّة والأمراض الجنسيّة
· موكب الفخر العالمي
· المثليّة الجنسيّة في الدول العربيّة
· الهويّة الجنسيّة
· مؤتمر أصوات واليوم العالمي لمناهضة رهاب المثليّة
· المثليّة الجنسيّة والأفكار المسبقة
· ضوء على صحّة النساء المثليّات وعنايتهنّ الصحيّة
· رموز المثليّة الجنسيّة وتاريخها
· تلخيص فعّاليات أصوات لسنة 2007
· الخروج من الخزانة أمام الأهل
· المثليّة الجنسيّة في جيل المراهقة
· المثليّة الجنسيّة عند النساء في الشرق الأوسط، تاريخها وتصويرها، د.سمر حبيب
· اللغة والهوية
· حول حركة مثليّة عربيّة
· كتاب أصوات الأول: “الوطن والمنفى في تجربة المتحررات جنسيا: مجموعة مقالات نسويّة تبحث في موضوع المثليّة الجنسيّة”ً
· كتاب أصوات الثاني: “حقي أن أعيش، أن أختار، أن أكون: مجموعة نصوص أدبية لنساء عربيّات مثليّات”
Leave a Reply