بخبركن عن مرتي
7,247 views
بخبركن عن “مرتي” اللي ما في متلها اتنين بالعالم.
كل يوم الصبح بتوعى، بحس بشفافها ع خدي مع طلوع الضو. بحس بضحكتها أنا ومغمضة عيوني. بحس انها وعيت، وانو العالم كلو وعي معها. بسمع صوتها بالمطبخ عم تحضر “نسكافيه” (بتحب السكر كتير مع القهوة، بس بتشرب الشاي بلا سكر). بسمع غنيتها اللي كل يوم الصبح بتسمعها “فايق لما راحوا أهالينا مشوار…تركونا وراحوا قالوا ولاد زغار…ودارت فينا الدار…ونحنا ولاد زغار…والهوا جمعنا…”
بسمع صوتها جايي من بعيد عم يغني. وبيصير يقرب يقرب تا توصل لعندي، وتقرب من دينتي وتهمس“مين بدو يشرب معي أطيب قهوة؟“ ببتسم ع الخفيف. صرلي واعية معها من أول ما وعيت وهي مش عارفة. منشرب قهوة الصبح، منحكي كتير، منضحك كتير.
كل يوم بتطلع بعيونها، وبتأكد انو هيدا كل شي بدي ياه من هالعالم، وانو عليهن بس، بدي اوعى كل يوم.
ومنروح ع الشغل. نحنا وع الطريق، بتصير تعصب من الاشارات الحمر وتقول “انو ع دوري!”
وكل ما يمرق ولد عم يبيع ورد، ما فيها إلا ما تشتري منو وردة (صار عندها محل ورد في كل أنواع وألوان الورود بالسيارة).
بيقطع نهارنا، منشتغل، منركز بالشغل، مناكل، منشرب قهوة.
بس كل هيدا، بكون ناطرة ارجع ع البيت تا شوفها (مع انها ع الوصلة بتبلش تنق ع الشغل وهيك). وبعرف انها ناطرة ترجع ع البيت تا تشوفني. ع شي الساعة ستة، بتمرق لعندي ع الشغل تا نرجع ع البيت. كل يوم لمن انزل من الشغل واطلع بالسيارة، بتكون تاكية راسها لقدام ع “الديريكسيون“ ومغمضة (بالحقيقة هيك تعرفنا ع بعض أول مرة). منوصل ع البيت، منحضر العشا سوا، مناكل سوا، منحكي كتير، منضحك كتير، بتطلع بعيونها، وبتأكد انو هيدا كل شي بدي ياه من هالعالم، وانو عليهن بس، بدي اغفى كل يوم.
بخبركن عن “مرتي“، عن ضحكتها اللي بتعطي معنى لضحكتي، عن أول يوم شفتها فيه، والتاني، والتالت، والسنة الأولى، والتانية والتالتة.
بخبركن عن أصحابنا لمن عرفوا، كيف ما تفاجأوا لأن ولا يوم قدرنا نخبي هالحب اللي واضح بيناتنا.
بخبركن عن يوم اللي نقينا المحابس، واخترنا البيت سوا، وسيارة “الهيونداي“ السودا، عن كيف فرشنا الصالون وغرفة النوم شوي شوي (وتخانقنا ع لون الصالون أسود ولا أحمر، آخر شي وصينا ع صالون أسود وأحمر).
بخبركن عن أول مرة نمنا فيها سوا بتختنا ببيتنا، وما كنا مصدقين انو نحنا ببيتنا، عن كيف قبل ما ننام بتمسكلي ايدي تا نحلم ذات الحلم.
بخبركن عن أول مرة قلتلها فيها “مرتي“، وقالتلي فيها “مرتي“، عن أول مرة وعيت وكانت هيي حدي ناطرتني تا أوعى.
بخبركن عن أول مشكل عملناه، وآخر مشكل عملناه، وكل المشاكل يللي بيناتن. وبخبركن انو ورا كل مشكل، كنا نكتشف قديش ما فينا نعيش بدون بعض.
بخبركن عنها لمن تعصب كيف بيصير وجها أحمر بخلال 3 ثواني، وبعد ما نعصب ونصرخ بتختم المشكل ب “طيب متل ما بدك“، وبتروح بتعمل فنجان قهوة وبتدخن سيجارة عالبلكون (مع العلم انو هيي ما بتدخن، وبيطلع شكلها كتير بيضحّك هيي وعم تفش خلقها بالسيجارة).
بخبركن عن مشاويرنا، عن أصحابنا، عن كيف كل ما نمشي بالشارع بتمسك ايدي وبتقلي “كم مرة بدي قلك ما تمشي بلاي؟”
بخبركن عن الشتوية سوا، والصيفية سوا، والربيع سوا، والخريف سو..
بخبركن عن الأيام الحلوة والصعبة اللي مرقنا فيها سوا.
بس المهم انو ولا مر، إلا كنا سوا.
وهلق رح خبركن انو كل شي خبرتكن ياه كان وهم وكذبة وخيال.
لأنو نحنا عايشين بلبنان. لبنان، مطرح ما بعدنا ما فيني امسك ايدها بالشارع، وقلها “بحبك” وتقلي “بحبك“، بلا ما نتأكد عشرين مرة قبل، انو ما حدا شايفنا.
Leave a Reply