وزيرتان من أصل 30 و4 نائبات من أصل 128

1 Star2 Stars3 Stars4 Stars5 Stars (2 votes, average: 5.00 out of 5)
Loading ... Loading ...

239 views

governmentيا شعب لبنان العظيم والأبي والوفي والذكي والفهيم واللئيم، مبروكة الحكومة، وبهالمناسبة السعيدة، بدنا نقول كلمتين.

هناك ملاحظات كثيرة لا تعد ولا تحصى على النظام السياسي اللبناني وأوله قانون الانتخاب الذي يقوم على المحاصصة الطائفية والمناطقية و العائلية والتوريث من الجد إلى الأب إلى الابن. لكن مسألة التمثيل النسائي في هذا النظام، سواء في البرلمان أو في مجلس الوزراء، هي مصيبة كارثية اضافية تضاف إلى لائحة المصائب في هذا البلد العجيب.

فللمرأة في لبنان حق طلب قرض للتجميل، وحمل بطاقة مصرفية بمرآة، وحق انفاق آلاف الدولارات على “الشوبينغ” و”الماكياج” ولوازم “التوب موديل”، لكن لا يحق لها الحصول على تمثيل حقيقي وجاد في مجلسي النواب والوزراء.

السؤال المطروح هنا: لماذا تكون أنجيلا ميركل أقوى امرأة في العالم، وتكون المرأة اللبنانية “توب موديل” العالم العربي؟ ولماذا يسمح ب”كوتا الطوائف”، وتمنع “الكوتا النسائية”؟

الجواب بسيط: انه النظام البطريركي المتخلف الذي يفرض سلطته وقيوده على كل جوانب حياة المرأة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية. لكننا هنا سنحصر حديثنا بالجانب السياسي.

دلّ أحدث تقرير إحصائي حول وضع المرأة في العالم العربي، صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) على ما يلي:

- مشاركة المرأة اللبنانية في القوى العاملة هو الأعلى في العالم العربي، فهي تمثل 28 % من سوق العمل، في حين تحتل سوريا المركز الثاني بنسبة 25%.

- نسبة مشاركة المرأة في البرلمان اللبناني تعادل 2.3%، وهي أقل بكثير مما هو الحال في سوريا 9.6% والأردن 5.4% على سبيل المثال.

- على مستوى الانتخابات البلدية، ترشحت 353 امرأة للانتخابات البلدية في مختلف المناطق اللبنانية، فازت 139 منهن أي أقل من 1% من المقاعد.

في العام 1953 حصلت المرأة اللبنانية على حق الانتخاب، لكن تمثيلها حتى اليوم في المجلس النيابي لم يتعد الأربع مقاعد من أصل 128 مقعدا في برلمان 2008 الحالي: بهية الحريري، ستريدا جعجع، جيلبرت زوين ونائلة تويني. لماذا؟ لأن رجال السياسية يسمحون بتعديل قانون 1960 الانتخابي من أجل ضمان سلطتهم الطبقية – الطائفية، لكنهم يرفضون رفضا تاما وقاطعا وما تناقشوا فيه، تعديل القانون من أجل منح المرأة حقها في التمثيل. والواقع أن العذر المستخدم أقبح من الذنب، فوزارة العدل اعتبرت أن اعتماد الكوتا يتطلب تعديلا دستوريا، لكن الحقيقة أن الدستور اللبناني لم ينص صراحة على ما يمنع اعتماد كوتا، وبالتالي ليس هناك من حاجة للتعديل! والحجة الأخرى التي يستخدمها البعض، هو أن “الكوتا” تزيد من التمييز ضد المرأة، كما لو أن المرأة وضعها بيجنن، والكوتا جايي تخرب هالوضع العظيم! يا جماعة، الكوتا هي مرحلة مؤقتة انتقالية، تهدف إلى فرض قبول المرأة في المنصب السياسية، إلى حين يكتمل وعي هالشعب العظيم بالمساواة التامة بين المرأة والرجل في السياسة (وتوابعها). بعدين، ألا يفتخر لبنان انه “الديموقراطية العربية الوحيدة” التي تحاكي الديموقراطيات الغربية؟ في الديموقراطيات الغربية، فرضت “الكوتا النسائية” فرضا إلى أن تحقق الوعي الاجتماعي الكافي بأن وجود المرأة في السياسة هو أمر طبيعي وليس دخيلا عليها.

لعل بعضكن يسألن: ما هي “الكوتا النسائية” أو “الحصة النسائية”؟

“الحصة النسائية” هي مبادرة طرحها برنامج “اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة”، وتقول بإعطاء المرأة اللبنانية حصة تقارب 30 % من مجموع النواب، أي 38 مقعداً، يجري ملؤها من خلال إعتماد نظام النسبية خارج القيد الطائفي وتحويل لبنان الى دائرة إنتخابية واحدة، مما يعني أن تترشح النساء بإسم الشعب اللبناني كله. وهذه “الكوتا” مرتبطة ومعتمدة على اقرار نظام النسبية والغاء القيد الطائفي، ولذلك يتم تأجيلها وتجاهل اقرارها في بلد تنخر الطائفية عظامه، إلى جانب التخلف البطريركي طبعا.

وعلى الرغم من أن الدستور اللبناني ينص في مادته السابعة على أن ” اللبنانيون جميعاً متساوون أمام القانون. فهم يتمتعون بحقوق مدنية وسياسية متساوية، كما أنهم متساوون سياسياً بالحقوق والواجبات، دون أي تمييز”، وعلى الرغم من إبرام الحكومة اللبنانية “الإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” عام 1996 التي تنص على “حق الحصة” كمقدمة الى المساواة التامة بين المرأة والرجل، وعلى الرغم من مبادرة وزارة الداخلية بإضافة 14 سيدة إلى عدد أعضاء المجلس النيابي، وعلى الرغم من اقتراح الهيئات النسائية باعتماد كوتا بنسبة 20 % بدلا من 30 %، لم يتغير شيء في وضع التمثيل النسائي.

ثم أن هناك مجموعة من المفارقات التي تعكس النفاق والظلم والفساد في النظام السياسي اللبناني في تعاطيه مع المرأة:

- فالمرأة التي لعبت دورا أساسيا في معركة الإستقلال في أوائل الأربعينيات وفي التنظيمات المختلفة لمقاومة الإحتلال الصهيوني ونفذت العمليات الاستشهادية مبرهنة عن امكانيات قيادية وجسدية عظيمة، والمرأة التي تشارك في كل التظاهرات والاعتصامات والنضالات والحروب،  يمنع عليها المشاركة الحقيقية في صنع القرار السياسي.

- والمرأة التي أثبتت قدرات هائلة في المجال الدراسي والتفوق العلمي في دراستها وفي عملية الإنتاج الإقتصادي وادارة الأعمال، يمنع عليها الوصول إلى مراكز قيادية في السياسة.

- والمرأة التي حققت انجازات كبيرة في السلطتين الثالثة (القضائية) والرابعة (الإعلامية)، يمنع عليها اثبات نفسها على الساحة السياسية.

- والمرأة التي تشكل “الطائفة الأكبر” في لبنان، يمنع عليها التمثيل الصحيح، في بلد تتقاسم فيه الطوائف المكاسب والمغانم والمقاعد على قاعدة الأكثرية العددية وحجم كل طائفة.

وحتى اذا نظرنا إلى النساء الموجودات حاليا في المجلس النيابي، نجد أنهن وصلن اليه عن طريق الرجل اما وراثة أو وساطة. فبهية الحريري أخت الرئيس الراحل رفيق الحريري، ونائلة تويني ابنة النائب الراحل جبران تويني، وجيلبرت زوين وصلت بقوة العماد ميشال عون وليس بقوتها الذاتية، وستريدا جعجع زوجة زعيم القوات اللبنانية سمير جعجع. وفي المجالس النيابية السابقة، وصلت صولانج الجميل لأنها زوجة الرئيس الراحل بشير الجميل، وغنوة جلول لأنها مقربة من الرئيس الحريري. وعلى صعيد مجلس الوزراء، عرف لبنان وزيرتين في تاريخه هما: بهية الحريري (شقيقة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري) وليلى الصلح (ابنة الرئيس الراحل رياض الصلح وخالة الأمير السعودي الوليد بن طلال) ونائلة معوض (زوجة الرئيس الراحل رينيه معوض). وفي الحكومة الحالية التي تشكلت منذ أسبوع، عينت وزيرتان: منى عفيش (وزيرة دولة أي وزيرة لا تتمتع بأي صلاحيات حقيقية) ، وريا الحفار (وزيرة مالية وصلت إلى الوزارة نتيجة قربها من الرئيس الحريري على مدى السنوات الماضية).

هذه هي انجازات المرأة اللبنانية في السياسة، مجرد ظل للرجل وبديل له عند موته. هي مجرد صورة منعكسة لقوة زعامة ذكورية، ولم يكن يوما وصولها بقوتها الذاتية الشخصية.

ولا نود أن نظلم النساء اللواتي وصلن إلى المجلس النيابي والوزراي، فقد قامت بعضهن بجهود جيدة لجهة، لكن ذلك لا يزال كافيا، لا سيما في ما يتعلق بحقوق أساسية للمرأة مثل حقها في منح جنسيتها لأولادها. كما أن هناك مشكلة عميقة تضرب جذورها في عمق الثقافة الذكورية المتخلفة، حتى عندما تمنح المرأة منصبا وزاريا وهي أن على المرأة تسلم وزارات “انثوية”، أي التربية والشؤون الاجتماعية، وتحظر عليها الوزارات “الذكورية” مثل الدفاع والداخلية والخارجية وغيرها. فحتى الوزارات مصنفة جندريا، مثلما تصنف كل الوظائف في قوة الأمن والقوى العسكرية “للرجال فقط”!

يا بهية ونائلة وجيلبرت وستريدا ومنى وريا، لستن مجرد ظلال لرجالكن، أنتن تحملن حلم أكثر من مليوني امرأة لبنانية، وفي حناجركن أصواتنا، وبين أياديكن مستقبلنا ومستقبل بناتنا وأخواتنا وأمهاتنا. فكن على مستوى المسؤولية وأثبتن أنكن واننا قد الحمل.

editor