هيدي قصتي، هيدي أنا
8,638 viewsما بتذكر بأي صف كنت، بس كنت صغيرة. وكنت كل يوم ارجع بالباص، وتقعدني صبية حلوة، أكبر مني بحضنها طول الطريق تا أوصل على بيتي. كنت كل يوم أنطر شغلتين: معلمة الرياضيات تفوت عالصف، وهيدي الصبية تقعدني بحضنها. كان الشعور كتير حلو، كتير، بس ولا مرة فكرت ليش.
بعدين، صرت أنطر كتير شغلات، غير معلمة الرياضيات وهيدي الصبية. صرت أنطر رفيقتي يللي قدامي تا تفلت شعرها تا اتفرج عليه، ورفيقتي يللي حدي تا تمسكلي ايدي عالفرصة، ورفيقتي يللي ورايي تا تجدلي خصل شعري. كنت أنطرهن، وما كنت أعرف ليش. بس بنفس الوقت، كان في “وسيم”، صبي مهضوم، كنا أنا وياه “نحب بعض”، ونشوف حالنا ع كل الصف انو نحنا منعرف نحب وانو نحنا لبعض. كان “وسيم” يضيفني كل يوم شوكولا، ويغار عليي من باقي الصبيان ويضربهن اذا حدا قال لي شي كلمة. يعني بمعنى آخر، كنا عايشينها كتير. بعدين اجت الصيفية وبطلنا شفنا بعض و”تخطينا بعض” بعد معاناة طويلة مع الرسائل المكتوبة والقلوب المرسومة على المحايات والدفاتر.
المهم، بس صار عمري شي عشر سنين، كنت عم بقرا بمجلة عن “شاب مارس الجنس مع صديقه”. أول شي لفتني هو كلمة جنس لأنو كنت بعدني متعرفة على الموضوع جديد ( المصدر : ماما). فحملت المجلة ورحت عند الماما (يللي بالمناسبة أنا وياها بحالة حوار وحديث دائم) وسألتها عن الموضوع. شرحتلي انو متل ما “الشاب والبنت لمن يحبو بعض بيعملو هيدا الشي اللي كتير حلو، كمان في شباب بيعملو عالشي مع بعض، بس ما بيكون حلو أبدا لأنو غلط”. دغري سألتها: والبنات؟؟ قالتلي : “البنات يللي بيعملو هيدا الشي مع بعض بيسموهن lesbians يعني بالعربي سحاقيات، الله يبعدن عنا”.
فهمت بوقتها كتير اشيا. بس قنعت حالي انو الاشيا يللي كنت حسها كانت صداقة، قنعت حالي انو هالبنات كانوا رفقاتي وبس، ومعلمة الرياضيات كانت “منيحة معي” وعشان هيك كنت أنطرها وبس، والصبية بالباص كانت تعطيني شوكولا (كادبوري) وعشان هيك كنت أنطرها وبس!
ايه، ايه صدقوا، أكتر ناس قادرين يكذبوا علينا، هني نحنا بذاتنا.
مرقت الأيام وصار تركيزي كلو ع اشيا تانية، ع درسي، وأصحابي، وأهلي، والمشاوير والصيفية والبحر، والقراءة والرسم. كان عندي كتير هوايات، ساعدتني شوي اهرب من حالي. بس، ولا مرة منقدر نهرب من حالنا. دايما كان في شي بداخلي، مغري، وبنفس الوقت مخيف.
بصف البريفيه، كانوا كل الصبايا مصاحبين أومغرومين بشباب الصف. وأنا كنت كتير أعمل مجهود تا انعحب بحدا من هالشباب، راقبهن والمعلمة عم تشرح، اتفرج ها وجهن، عا ايديهن، عا حركاتهن، عا أحذيتهن، شم ال perfume تبعهن، تا آخر شي ومن بعد دراسات عميقة وعن سابق ترصد وتصميم، قررت انو “حاتم” هوي يللي أنا معجبة فيه، وصاحابنا.
خلصت المدرسة، وصرت بالثانوية. بعدني بتذكر لمن شفتها أول مرة. شفت شعرها. كانت قاعدة قدامي، وأنا كنت مشغولة عم لون محايتي بالحبر الأحمر (متل العادة). فلتت شعرها فجأة، ومرقت صابيعها وأظافرها لمعوا بين خصل شعرها، ورجعت ربطتهن بمغيطة سودا. هيدي النسمة يللي هبت عليي من شعرها، غيرتني ع طول.
صرنا أصحاب، صرنا كتير قراب، صرنا أحباب، وأكتر. بس ولا مرة قلنا هالشي. كانت كل ما تمسك ايدي حس قلبي طلع لبرا، وكل ما تضحك بوجهي، اقرا كتير حكي بعيونها، كتير. مشكلتنا انو فينا نخبي كل شي، إلا عيوننا. مرقوا تلات سنين بالثانوية، وأنا وياها “bestfriends” (وما أدراك ما “بست فريندز”). كنت دايما فكر انو، شو عم بيصير؟ ليه هيك عم حس؟ وجاوب حالي بسرعة أكيد هيدي الصداقة الحقيقية هيك بتكون. كنت خاف من شعوري، وبنفس الوقت استمتع فيه، وقول، طالما انو ما عم نقول شي لبعض، ما عم نعمل شي غلط.
بآخر سنة، كانت عندي بالبيت وكنا مستلقيين بالتخت سوا متل العادة عم نحكي. مدت ايدها مسكت ايدي، وكانوا عيونها كل شي عم شوفو بهاللحظة، وأنفاسها كل شي عم بسمعو.
قالتلي: شو هيدا الشي؟
قلتلها ببراءة (مصطنعة): أي شي؟
حطت ايدها ع قلبي، وحطت ايدي ع قلبها وقالتلي: هيدا الشي.
دغري سحبت ايدي وجلست قعدتي وقلتلها بصوت عالي وبقسوة: شو هيدا؟ شو يعني؟ شو ح يكون؟؟ نحنا صحاب! في شي أكتر من هيك يعني؟
ما ردت ولا كلمة، بس بعدت عني عيونها بانكسار، وكان في نظرة عتب وزعل جواتهن، لهلق بتوجعني. لهلق بفكر قديش كنت جبانة وضعيفة ب هيديك اللحظة، بس ما كان فيني كون إلا هيك بوقتها، كان خوفي أكبر من شعوري.
مرقت الصيفية، وصاحبت فيها أكتر من عشر شباب، تا قول لحالي انو: كل شي طبيعي. قلت لحالي هالشي، وقنعت حالي بهالشي، لحتى اجا يوم عنجد انغرمت بواحد من هالشباب وبقينا سوا فترة طويلة، لدرجة انو قررنا نتزوج. بلشنا نحضر لزواجنا، وأنا كتير واثقة من قراري انو بدي هيدا الإنسان وبس، وانو كل شي مرق مرق، وكان ولدنة مش أكتر. بس دايما كان في احساس بداخلي انو في شي ناقص، وانو أنا بدي شي تاني، بس كنت خرسو بالقوة وسكتو بالقوة و احبسو وربطو وكل شي تا ما يطلع، مع اني كنت متأكدة مية بالمية انو انا بدي هيدا الشاب ومستعدة أعمل أي شي تا نكون سوا. لمن اجت ساعة الحقيقة، قلت لأ. قلت لأ وبرمت ظهري وطلعت من حياتو. تعذبت كتير، بس بعرف انو هيدا يللي كان لازم يصير. لأن، هيديك البنت يللي كانت بدها تتزوج هيداك الشاب، أكيد ما كانت أنا.
مرقت اكتر من سنة وأنا لحالي، شغل وشغل وشغل ودرس تا ما فكر بشي تاني. تا اجا يوم، كانت صديقتي (she’s gay) عم تزورني. واذ، صديقتي الgay تقبلني “قبلة طويلة وجميلة”. ضيعتني، ضيعت كل شي فيني. كل شي فيني تلخبط، قد ما كانت هذه القبلة صادقةّ! وتماما، كانت هالقبلة الشي يللي كان ناقصني.
يمكن لأني كنت صرت كبيرة، وواثقة من حالي، وقوية، ما خفت، وسمحت لنفسي قول: واو!
وقلت: خلص، لازم جاوب حالي عهالسؤال: (بنبرة جدية وفصحى يعني) هل أنا مثلية؟
وكان ما كان “يا بنات الميم” (بالاذن من “LZR”)
اليوم بفكر انو يمكن كان فيني اتزوج ويكون عندي ولاد وعيلة، بس هل كنت رح كون مبسوطة؟ هل كنت رح اقدر ضل هيك كل حياتي؟ هل كنت رح اقدر امسح هالجزء الكبير من هويتي، هيك بسهولة؟
وبفكر انو، اذا بقول لأهلي شو رح يقولو؟ (بالمناسبة، الماما كل يوم بتخبرني “بالصدفة” وبسياق الحديث، انو اذا حدا من ولادها بيطلع gay بتفضل تنتحر)
وبفكر انو، طب ليه أحيانا بيعجبني شاب هون أو هونيك؟ وليه هالاحساس ولا مرة قدر يتطور عن “الاعجاب الأولي”؟
وبقكر انو، طب أنا بدي صير أم، بس كيف؟ ما بدي كون أم وحدي بلا حدا أعمل معو عيلة. بس أنا ما بدي اتزوج رجال. وتا اتزوج شريكتي، بلبنان مستحيلة، بدنا نسافر. بس أنا كتير بحب هون، وكتير بحب أهلي وأصحابي وحياتي هون.
وبفكر كتير. بس يللي بعرفو انو أنا بحب حالي وبفهم حالي وبحترم حالي متل ما أنا. يمكن بالآخر كون مع بنت، مع شاب، أو لحالي. ما بتفرق. المهم اني كل يوم بحس بالفخر اني ما استسلمت وما هربت كل حياتي من حالي. بالعكس، اكتشفت حالي، واعترفت بهويتي قدام حالي، شو ما كانت هويتي. لأن ما فينا نكون عنجد مبسوطين، إلا اذا كنا منحب هويتنا متل ما هيي. طول ما نحنا هربانين، ما رح نقدر نلاقي الراحة والسلام.كان فيي آخد خيارات أسهل وتكون حياتي أسهل، بس أكيد ما كانت رح تكون أحلى. أنا هيك، وقد ما كان وضعنا بهالمجتمع صعب، ما فينا نكون إلا هيك.
Contributed by Sunshine
Leave a Reply