الجنس والجندر: بدعة المجتمع الذكوري
2,007 viewsقدمت فتيات “ميم” ورشة عمل عن “الجنس والنوع الاجتماعي” لعدد من أحرار الجنس/حرات الجنس العرب في احدى المؤتمرات، نورد ملخصا عنه في ما يلي:
- الجنس Sex: هو مركب اجتماعي بناء على الخصائص البيولوجية – الطبية للمولود، ويصنف البشر بين “ذكر” (من يولد بضو ذكري) و”أنثى” (من تولد ببظر ومهبل). ويتبع الجنس مجموعة خصائص اجتماعية – قانونية تفرض على الفرد فرضا لمجرد امتلاكه/ا عضوا بشكل محدد لم يقم هو/هي باختياره. ويحدد الأطباء (الذين هم انعكاس للمجتمع القائم ونظرته وفلسفته) جنس المولود بناء على “المسطرة” أي: اذا كان طول بظر المولود بين 0.25 سنتم و0.85 سنتم، يعد المولود أنثى، واذا كان من 3 سنتم وم فوق يعد ذكرا. أما اذا كان البظر بين 0.85 سنتم و 3 سنتم، يعد المولود “مشوها” أو “يعاني خللا بيولوجيا” يستدعي اجراء “جراحة تصحيحة” ليصبح متطابقا مع الأعراف الاجتماعية: اما أنثى وأما ذكرا، من دون أية مبررات طبية أو وجود خطر على حياة المولود تستدعي القص والجراحة. وطبعا، وفقا للجنس، يفرض على الفرد “نوعا اجتماعيا معينا” أي جندر.
- الجندر أو النوع الاجتماعي Gender: هو مركب اجتماعي يحدد الأدوار الاجتماعية لكل من “الذكر” الذي يجب أن يكون “رجلا”، و”الأنثى” التي يجب أن تكون “امرأة” حكما. ويمنح هذا المركب الاجتماعي لكل نوع من هذين النوعين، مجموعة حقوق وواجبات وخصائص، تفرض فرضا على الفرد من دون منحه/ا الحق باختيار الجندر الذي يناسبه/ا، أو السماح له/ا باختيار جندر ثالث أو رابع غير “المرأة” و”الرجل”، أو عدم اختيار جندر من الأساس.
- يتم التعبير عن الجندر بمظاهر وصفات داخلية وخارجية محددة سلفا لكل جندر لتلائم الدور الذي يجب على هذا الجندر أن يؤديه. فالمرأة يجب أن تطيل شعرها، وتلبس الملابس “النسائية” ذات الكعب العالي والفستان، وأن تضع مساحيق التجميل، وأن تسير وتجلس بطريقة معينة، وأن تكون مرهفة الحس ورقيقة المشاعر، وأن يكون هدفها الطبيعي في الحياة، الزواج والانجاب والاهتمام بالأسرة داخل المنزل. أما الرجل، فعليه بالملابس “الرجالية”، وطريقة المشي والجلوس “الرجالية”، وأن يكون قويا وقاسي القلب ومستعدا لاعالة الأسرة والمشاركة في الحروب وغيرها… ويستتبع هذا التصنيف، أوضاعا قانونية مختلفة في كثير من البلدان التي تفرق دساتيرها بين حقوق الرجل وحقوق المرأة بناء على اختلاف الجندر فقط، وبغض النظر عن المؤهلات والمهارات الفردية للمرأة أو الرجل. مثال: المرأة في لبنان ممنوعة من منح جنسيتها لأولادها، والجنسية اللبنانية تمنح من الوالد فقط (بالإضافة الى قوانين الأجور وغيرها).
- أخطر ما في التصنيف الجندري، أنه يفرض على كل “رجل” أن يشتهي النساء، وعلى كل “امرأة” أن تشتهي الرجال. وبذلك، تصبح الميول الجنسية والشهوة الجنسية، أسيرة الجندر الذي فرضه المجتمع على الفرد بناء على تكوينه/ا البيولوجي الذي لم يكن له/ا فيه أي خيار، ومن هنا ينبع رهاب المثلية.
- المجتمع والنظام القائم يرفض وجود أشخاص يصنفون أنفسهم/ن ضمن جندر مختلف عن السائد وغير مبني على خصائصهم/ البيولوجية، كما يرفض وجود أشخاص لا يصنفون أنفسهم/ن ضمن أي جندر. ويقع في هذه الفئة: متحولو الجنس – متداخلو الجنس Intersex – متحولو الجندر – والأشخاص الذين لا جندر لهم/ن Genderless.
- متداخلو الجنس هم/ن الأشخاص الذين يولدون بخصائص بيولوجية (أعضاء، هورمونات، كروموزومات…) تختلف عن السائد وفقا للمعايير الاجتماعية – الطبية التي تصنف البشر بين ذكر وأنثى، وعادة ما تكون أعضاؤهم/ن تجمع بين الأعضاء الأنثوية والذكرية. ويعتبر الطب متداخلي الجنس، أشخاصا يعانون “خللا” يستدعي “الجراحة التصحيحة” ليتم تصنيفهم بين ذكر وأنثى، والحفاظ على “النظام” القائم، فيكونون ضحايا المشرط الجراحي من دون أي مبررات صحية أو طبية. هنا، نرى كيف يرتعب الطب (أي المجتمع) من أي تنوع جندري أو اختلاف تخلقه الطبيعة نفسها التي خلقت باقي البشر، ويصر على سجن الإنسان في سجني “الذكر” و”الأنثى” بحجة “الحفاظ على استمرارية الحياة”، من دون أي اعتبار لخيار أو ارادة أو رغبة الفرد.
- متحولو الجنس هم/ن الأشخاص الذين لا يتطابق شعورهم/ن الداخلي بهويتهم/ن، مع شكلهم/ن البيولوجي، وهم/ن يلجؤون في بعض الأحيان الى الجراحة لتغيير أعضائهم/ن كليا أو جزئيا لتتلائم مع احساسهم/ن وأفكارهم/ن ونظرتهم/ن لأنفسهم/ن. ويعاني هؤلاء من رهاب المتحولين في معظم المجتمعات، ويحرمون من كثير من حقوقهم/ن، حتى داخل مجموعات أحرار الجنس والمثليين والمثليات، وفي هذا ظلم كبير لأن المتحولين هم أول من بدأ حركة المطالبة بحقوق المثليين/ات مع أحداث “ستونوول”، وهم/ن جزء أساسي وضروري في هذه الحركة حاليا ومستقبليا.
- متحولو الجندر Transgender: هي الفئة الكبرى التي تضم تحتها كل المجموعات والأفراد الذين يختلفون في مظهرهم/ن وسلوكهم/ن عن المعايير الجندرية السائدة. وتضم هذه الفئة: المتحولون والمتحولات (مع جراحة أو من دونها) ، وtransvestites، drag queens /kings، butch girls، genderqueer والمتحررين والمتحررات من قيود الجندر.
- كل ما ذكرناه أعلاه، يعود سببه الى النظام البطريركي الذكوري الذي ينتج مجتمعا ذكوريا يمارس على الأفراد رجالا ونساء وأطفالا وكهولا، استعبادا اجتماعيا بناء على التمييز العرقي والجندري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي. ويصنف هذا المجتمع البشر وفقا ل”رجل” و”امرأة” ويفرض على كل منهما أدوارا محددة وميولا محددة، يعتبرها “طبيعية” و”مقبولة”، ويعتبر كل الأشخاص المتحررين منها أو الرافضين لها، “شاذين” و”غير طبيعيين”.
- يحافظ المجتمع الذكوري على أيديولوجيته عن طريق وسيلتين: التربية (توريث الأعراف والتقاليد والأفكار الجندرية/الجنسية…) والقمع (قمع وتهديد ونبذ وقتل وسجن الأفراد الذين يشذون عن القواعد المفروضة عليهم/ن بهدف منع أي تغيير محتمل في هذه البنية القمعية).
- تتنوع أشكال القمع هذه بين: التمييز الجندري (أيديولوجية تؤمن بتفوق جندر على آخر، عادة ما يكون تفوق الرجل على المرأة) – نظام المجتمع الأبوي المغاير Heterosexism (نظام يرفض أي علاقة أو هوية جندرية أو سلوك أو مجموعة أو شخص لا يخضع للقواعد الموروثة والمحددة اجتماعيا بين “رجل” و”امرأة”) – رهاب المتحولين/ات transphobia (الخوف أو الكراهية والقرف من كل شخص يرغب/ترغب بتغيير جنسه/ا البيولوجي ليتلائم مع هويته/ا الحقيقية).
- نشأت في القرن العشرين مجموعات للدفاع عن حقوق المرأة، تطورت الى مجموعات نسوية عملت وتعمل على تهديم أسس المجتمع الذكوري من أساسه وليس فقط المطالبة بحقوق المرأة. وسرعان ما انضوت تحت هذه الحركات، حركات المثليين/ات وأحرار الجنس والمتحولين/ات للمطالبة بالحقوق الانسانية.
- نشأ داخل الحركة النسوية، تيار الترانس-نسوية transfeminism الذي يؤمن بأن قضية النسوية والترانس هي واحدة: تحطيم البنية الاجتماعية الذكورية ومنح الأفراد حرية الخيار في هويتهم الجندرية والجنسية، أو عدم اختيار جندر من الأساس، ومكافحة العنف الجندري والجنسي.
- على كل فرد منا الايمان بأن: من حقي تعريف الهوية الجندرية والجنسية بالطريقة التي تناسبني، وعلى المجتمع احترام ذلك – من حقي اختيار الجندر الذي يناسبني أو عدم اختيار جندر من الأساس – من حقي اختيار شريكي/شريكتي بغض النظر عن المعايير الاجتماعية وبغض النظر عن قواعد الجندر المفروضة – من حقي التصرف بجسدي كما أشاء والتعبير عن جندري أو لا-جندري من خلال مظهري من دون التعرض للمضايقات والتحرشات – من حقي الخروج عن تصنيفات “رجل” و”امرأة” من دون التعرض للتمييز ضدي.
- بقلم Aphrodite
Leave a Reply