لما إنسى إكتب
897 viewsنهار الجمعة، كان لازم نام بكير لأنو عندي شغل نهار السبت. سهرنا وشربت، ووفقاً لمخططي ماشربت كتير، لدرجة عشت هيدي التجربة الغريبة اللي إلي زمان ما عشتا، إنو ما كون مطفية أكتر من معظم الناس اللي حواليي.
وأكيد كان في هيدي اللحظة اللي فجأة بيتِك شي جواتي وبصير لازم فل قبل ما ينحدروا عواطفي من الغضب للإكتئاب.
ومشيت مشية الـ”بعرف إنو شكلي بنت شربانة ماشية لوحدا بشوارع بيروت”. أكيدكان في قرطة الشباب اللبناني المطفي ومشتقاته. بعدين كان قاطع بتاني إتجاه شب عم ببيع زهور. مد زهرة وقال شي بركي بشتري منه زهرة. اعتذرت عن قبول الصفقة بطريقة مهذبة. “كس إختَك” كان رده.
عادة بعصب ووقت بقرر رد بتكون اللحظة ماتت. “ليش عم تسبلّي؟” هالمرة طلع الجواب بسرعة. برم الشب وما شافني عم بتهجّم عليه متل ما كان متوقّع.
“فكرتك شب”
“بعتذر”
“إنت متل إختي”
“فكرتك شب”
“إذا بدك بوصلك عبيتك”
“والله عذريني”
“فكرتك شب”
“والله”
“ما كان قصدي”
انهالت عليي الإعتذارات، بصدق. عادة، منوصل لمرحلة بهالحياة بيصير فيه حتى الإعتذار فارغ ومنفترض دايماً وجود نوايا مبيتة.
مع الرجال اللبنانيي، وصل معي الخدر الإجتماعي لمرحلة صرت حاسة إنو حافظتن. المواجهة دايماً بتستفزّن وبردوا بالضحك والمسخرة والممارسات الإجتماعية غير الحميدة. لمّا ردّيت على واحد كان عم بيقول لرفيقه عني “هيدي خرج تمصه”، اتضحك بشكل هستيري، هيدا متل من أصل المئات يعني.
ما توقّعت يعتذر. وهني وعم ينهالوا عليي هالإعتذارات اتطلّعت بوجه، يمكن كان شربان، بس عالأكيد كان على وشك إنو يبكي. أكيد مش من شعوره بالذنب.
كل اللي خطر عبالي كان إنّو أكيد صار معه شي. أكيد في شي شب من شباب الكول السكرانين تمنيك عليه. يمكن تمنيك عليه زيادة عن اللزوم. يمكن حسسه بالذل. الأرجح خليه على وشك يبكي. صار متلي.
فجأة ما قدرت إلا إستذكر المرات الكتيرة اللي شوفور تاكسي، أو عابر سبيل، تمنيك عليي، أو عدد المرات اللي زركتني قرطة شباب، أو عدد المرات اللي طارت حواليي ملاحظات بتجرح، أو عدد الأعضاء التناسلية اللي شفتا بالأماكن العامة البيروتية غصباً عني… الرجال اللبنانيي عندن موهبة بالوقحنة اللي ما إلا معنى.
إجا عبالي قرّب عليه وشدّله عكتفه وقلّه إنّو أنا بعرف. خفت يقلب “دكر” عليي.
فمن بعيد قلتله “بعرف شعورك” ودمّعت متله. وبالآخر قلتله يعطيك العافية ومشيت.
ما بعرف كيف إنظر لهالموقف اللي صار. ما عرفت إنقهر لأنّو أنا كـ”مرا” بهالمجتمع ما بتساوى بالشارع إلا مع بياع الورد المهمّش وفقاً للمعايير اللبنانية العنصرية. ولا إبكي لأني عارفة إنّو أنا فيني ما كون بالشارع لوحدي بهالوقت، بس هيدا الشب ضرورات حياته بتفرض عليه يكون بهالموقف. ولا إغضب بعد أكتر من هالمجتمع الإنفصامي. ولا إبعت رسالة لهيديك اللي ما بتتسمى قلا إنّو أنا ضعيفة، وهيي ما ترد.
فسكتت، وصلت عالبيت، نمت، وعيت، كانت الما بتتسمى ما عبرتني، صبّحت عليا، اشتغلت، ردت بعد سبع ساعات، نمت، وعيت، صبّحت عليا، اشتغلت، كنت لحد هلّق ناسية إكتب، بس بعد لحد هلق ما نسيت صورة وجهه. يا ريت الحياة حلوة.
Leave a Reply