طبيبة نفسية + رجل دين = حلقة عن المثلية
1,005 views“إعلام” يعني “إخبار”، يعني إبلاغ الجمهور بما لا يعرفه. وهيدي العملية مريضة لعدة أسباب، أبرزها إنو معظم اللي عم يخبّروا ما بيعلموا، وما بيهمهن يعلموا. فباتت العملية، من زمان، مريضة. كل يوم بيقولوا رح تموت، وما عم تموت. ومرضها بيعدي. وبنتيجة العدوى، بيلاقي المواطن اللي قاعد ببيته بأمان، فجأة، كل وسائل “الإعلام” عم بتناوله، بجرعات مكثّفة، “حقوق المرأة”، ثم “العاملات الأجنبيات”، فـ”عبدة الشيطان”، أو “حق المرأة بالجنسية”.. ضربة ع الخفيف، ضربة ع السريع، .. حتى وصل الدور على “المثلية الجنسية”، الشهيرة بين الإعلاميين والإعلاميات باسم “الشذوذ الجنسي”.
موضوع “سكسي”، لأن فيه سكس وفيه ممنوع، يعني هيجان الماكسيموم، كما إنو فيه الدين، لأن الله حكي عن السكس بكتبه، ووجود الدين حد الشذوذ بيخلّي الحلقة أحمى. وأضف إليها رشة أخلاق عامة، بتخلي الكل يحسوا حالن بصحة جيدة، طوباويين عم يرشحوا زيت. كأن الزيت ع الإيد أكلة!
هاي وصفة واحدة لانتاج الحلقة المثالية عن المثلية الجنسية، الشهيرة بالشذوذ:
أولا – أسلوب الفرجة بألف: ويعتمد هالأسلوب على مبدأ انو “الفضيحة بتبيع”. ويتم اختيار موضوع المثلية بالتحديد مش بغرض معالجته، وانما بغرض حصد أكبر عدد من المشاهدين والقراء، ويتضمن عادة أصوات مخيفة كالبرق والرعد وخيالات بشر عم تركض، وناس عم تنتف شعرها وتنهار، وأمهات عم تبكي، و”شاذ” عم ينتحر و”شاذة” عم تقول “طب شو ذنب الطفولة؟” وهيك اشيا. ويتم عادة جلب مجموعة “شذاذ” و”شاذات” تا يضمن البرنامج “الموضوعية”، وبتم التعامل معهن على انهن كائنات يجب استثمار كل دقيقة من الوقت للتفرج عليهن وتخيلهن بالفرشة مع زميلة “شاذة” او زميل “شاذ”/ او كائنات تثير الشفقة و”الحرام” أو ال”يا لطيف بدهن اعدام”. وطبعا، كثيرا ما تكون علامات الامتعاض بادية على وجه مقدم/ة البرنامج، للتبرؤ من أي امكانية لاتهامه/ا بتقبل الشذوذ.
ثانيا – الأسلوب التقليدي اللي طلع من راسنا: مثلية + مثلي + محامي او محامية + طبيب او طبيبة نفسية + رجل دين مسيحي ورجل دين مسلم = حلقة مملة وبايخة ومعلوكة ووفروا على حالكن تعب، تبقوا خبرونا، منكتبلكن السيناريو قبل، شو ح يصير وشو رح ينقال ومين رح يصرخ على مين وشو النتيجة اللي ما رح توصل الها الحلقة بالنهاية.
ثالثا – أسلوب قطّع ولا يهمك، الموضوعية ع اجرك: ويتم فيها اجتزاء احاديث الضيوف من أطباء او مختصين او محامين او أشخاص مثليين/ات، ليصير في “سوسبنس” و “حماس واثارة” اكثر. وعادة بتكون نتائج هالحلقات جمل مثل: انا مثلية لأن اغتصبني عمي أنا وزغيري – أنا مثلي لأن أهلي مطلقين – أنا مثلية بكره الرجال – المثلية مرض نفسي يحتاج الى علاج (عادة بيقول هيدا الرأي احد علماء النفس بكل ثقة ولهجة جدية جدا) – انا مثلية يعني اكيد “مسترجلة” وهو مثلي يعني أكيد “بنوتي” – حياة المثليين/ات عبارة عن سهرة ليلية متواصلة… وطبعا، يتم التعاطي مع المثلية او المثلي اللي تمت استضافتهن على انهن بيحكوا باسم جميع المثليين والمثليات لأن كلهن “نسخة واحدة”، وبالتالي بيصيروا كلهن مسؤولين/ات عن شو انحكى بهالحلقة.
رابعا – أسلوب المخلوطة: ويتم فيه دمج مجموعة قضايا تا تصير كلها مساوية للمثلية مثل: البيدوفيليا – الاغتصاب – سفاح القربى – الاعتداء على قاصر – العمل بالجنس (دعارة) – الخلل الهرموني – الانفلات الأخلاقي – ضعف الوازع الديني – التفكك الأسري - تعاطي المخدرات – البدعة المستوردة من الغرب – عبادة الشيطان…
وبعد عرض ظواهر المرض، ممكن الخوض بأسبابه، وأبرزها: الجهل.
الجهل، وهو الأب الشرعي للإهمال، والكسل، والهرأة الإعلامية، وأيضاً، وبنجاح منقطع النظير: الهوموفوبيا. بس، ع كل الأحوال، لازم هالإعلام يعرف انو بحلقة واحدة بيقدر يشوّه كتير وش مجتمعه، هو ولابس تياب ع آخر طرز، وحاسس حاله “الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
وع فكرة، المثليين والمثليات المعنيين والمعنيات بالموضوع، بفضل البرامج المذكورة أعلاه، وبفضل كتير أشيا سواها أيضاً، ومن ثم هي مجدداً، رح يضلّوا يأخروا الموعد اللي بيخبروا فيه أهلن ومجتمعن عن هواهن الجنسي، تفادياً لإعدامهن وختمهن بالشمع الأحمر. إذاً، ما رح يتغيّر شي. لا المثلي رح يغيّر رأيه وينغرم بالمذيعة، ولا المثلية رح تغيّر رأيها وتنغرم بـ 1- الطبيب النفسي، 2- رجل الدين، 3- وزير الإعلام. ولا “الإعلام” ح يزيد شي ع معلومات اللي قاعدين ببيوتن ومطّمنين على تجسّد المعرفة واكتمالها فيهن، ولا أعزاؤه المشاهدين ح يحبوا ولادهن المثليين، ولا المثليين ح يتأملوا أكتر من غيرن ع مصيرهن بهيدا البلد.
أما الإنجاز العظيم اللي ممكن تحققوا الحلقة فبيتجلى بنسبة المشاهدة، وما يرافقها من نسبة الإعلانات، والمصاري، والدفع، والقبض، ويللا!
هيك، بترجع الدويرة هي ذاتها تشبك إيدها بإيد الأرزة وبتدبك ع “حقوق المرأة”، فـ”العاملات الأجنبيات”، فـ”عبدة الشيطان”، فـ”حق المرأة بالجنسية”.. وقد وصل الدور على “المثلية الجنسية”، الشهيرة بين الإعلاميين والإعلاميات باسم “الشذوذ الجنسي”.
دويرة واحدة، بدها تنكسر، إذا مش بجهود الجمعيات المعنية، فبالتأكيد بسبب الجهل اللي خانقها.
وعلى فكرة، قد ما كبرت الثروات، بتضل الثورات أقوى.
بقلم عشتار وبلمسات من “سمسم”
Leave a Reply