“بسمّوهن سحاقيات”

بتذكّر كان عمري شي 8 سنين أو أقل. كنت قاعدة ع أرض غرفتي عم بقرا احدى المجلات المعروفة بصفحة “الفضائح” اللي فيها قصص من كل الأشكال والألوان من نوع “تزوجت أربع رجال وقتلت الخامس” و”سمم زوجته مع عشيقته ثم سممته عشيقته مع عشيقها” و”جاء من السفر ليكتشف خيانة زوجته مع زوجته الثانية” وهيك اشيا… في نهار، فتحت هالمجلة واذ بيطلع بوجّي صفحتين مليانين بعناوين مثل “القبض على شبكة لواط ودعارة” و”مجموعة من اللوطيين يسطون على سيارات المواطنين” و”لوطي يغتصب مراهقاً ثم يقتله” و”اعتقال أربع لوطيين بتهمة تهريب المخدرات”. دب الرعب بركابي، قلت مين هال”لوطيين” اللي ما بيعرفوا الله هودي؟ معقول في ناس هلقد مجرمين؟ اغتصاب وسرقة وقتل…؟ مين قرطة هالعصابة اللي طبّوا فجأة ع لبنان تا يحولوا حياتي وحياة اللي بحبهن لجحيم؟ من وين نبتوا؟ كيف بدنا نتخلص منهن؟ ويني الدولة؟

كتير أسئلة طلعوا ع راسي بهيديك اللحظة، خفت كتير وصرت فكر وين بدي اتخبى من “اللوطيين” ولوين بدي اهرب تا ما يوصلولي. بس بنفس الوقت سألت حالي شو يعني “لوطيين”؟ رحت لعند ماما يللي دايما أجوبتها حاضرة ع كل أسئلتي شو ما كانت… سألتها، قالتلي “يا لطيف يا ماما، ليش عم تسألي؟”، قلتلها لأن كنت عم بقرا عنهن بالمجلة، قالتلي يعني “الرجال اللي بيحب رجال تاني”. تحمست كتير وقلتلها “كيف يعني”، قالتلي “يعني كيف الناس المجوزين بيعملوا سكس مع بعض لأن بحبوا بعض، هول اللوطيين نفس الشي”، قلتلها “يعني هني بحبوا بعض كمان؟” قالتلي “لأ، لأن مش معقول رجال يحب رجال تاني، هول شاذين بيعملوا اشيا مش طبيعية والله ما بحبهن”.

من جديد كان في كتير أسئلة وأفكار براسي، بس أكثر شي كان بدي أعرفو هو “طب والبنات اللي بحبوا بعض شو بيسموهن؟”. ساعتها صار وجه الماما كتلة تعابير عن القرف والكراهية وقالتلي باحتقار”بسمّوهن سحاقيات”. حسيت بشي كتير غريب لحظتها، وقضيت شي يومين عم فكر كيف رجال بيعمل سكس مع رجال؟ وكيف مرا بتعمل سكس مع مرا؟ انو عنجد بحبوا بعض، هيك عادي؟ انو شكلهن متلنا؟ عندهن علم ونشيد وطني خاص فيهن؟ في منهن عنا بلبنان أو بس برا؟ بيبوسوا بعض متل ما بشوف الممثلين بيبوسوا بعض هالتلفزيون؟

بوقتها، وبشكل كتير غامض وغريب لهلق ما بقدر فسروا، حسيت بالتعاطف مش بالقرف، حسيت بالحشرية مش بالكراهية. فتحت المجلة ورجعت قريت صفحتين الفضايح، وفكرت، معقول انو هني بيقدروا يسرقوا ويقتلوا بس لأنهن “لوطيين”؟ معقول بتزيد نسبة الشر كل ما زادت نسبة التهيج عالجنس ذاتو؟ رجعت فتحت عدد قديم من نفس المجلة، وقريت عناوين كتير بتشبه هالعناوين بس ما فيها كلمة “لوطيين”، مثلا “القبض على شبكة دعارة” و”رجل يغتصب فتاة ثم يقتلها” و”السجن 5 سنوات لشبكة سرقة سيارات”…خيييي، قلت لحالي، تنفست الصعداء…يعني ما خصّ الشر بال”لواط”…

بس، شو بالنسبة لل”سحاقيات”؟

(يتبع العدد القادم)

- بقلم Aphrodite