(1) حالة شاذّة
637 viewsتنشر “بخصوص” في هذا العدد الجزء الأول من مقال “حالة شاذة” للكاتبة “هيام أرض” الذي نشر سابقا في موقع “قديتا.نت” في قسم “مثلي ونص”. وتعد هذه الخطوة جزء من شراكة تمت بين موقع “قديتا” ومجلة “بخصوص”، تضمن اتفاقا على نشر متبادل للمقالات الواردة على الموقعين. توقعوا/توقعن الجزء الثاني من هذا المقال الرائع في العدد المقبل. شكرا “قديتا”!
“قررتُ أن أنزلها عن مسرحها وأعطيها بطاقة موقعة مني بأنني ضحية أخرى، مع تنازل تامّ عن حقوقي العشقية، عَلنا نصبح متسوايتيْن في وقوفنا على الأرض.”
تمرّ اللحظات بطيئة عندما يجتاحني شوقي إليها، بينما أتذكر أنّ الصراحة ليست خير سبيل مع امرأة تختبئ خلف كعبها العالي وجسدها المستحيل وتحترف الهروب. أفكّر بأنني أُصبت بالجنون حين اعترفت لها بأنني “بعد كل هالسّنين من الصداقة عم بوقع فيكي”، بعد أن أغرتني هي أيضًا لسنين كي أقول لها هذه الكلمات المحتضرة المختصرة. بعض النساء يعشقن تعداد ضحايا فتنتهن وهي كانت واحدة من هؤلاء. كان غزلها المتناثر على أطراف حواسي وقهوتها التي رشفتها من دمي- كانت كلها طعومًا ترميها على طريق يوصلني إلى خانة الضحية. ولا مانع لديّ في أن أكون ضحية أو رقمًا في سجلّ ضحايا امرأة تحبّ جمع الذكريات طالما تمكّنتُ من تفادي الألم. الألم نفسه الذي يعتصرني الآن وأنا أشتاق لحماقتها وشقاوتها اللذيذة.
“عليّ لعنة… يعني ما بينفع يكون عندي صديقة لزبيان؟”
لطالما ضحكتُ عندما كانت تقول لي هذه الجملة. ففيها استفزاز “نغش” لا أستطيع مقاومته.
“لا ليزبيان ولا هِترو طول ما إنتِ على هالحال.”
قلتها وعلى وجهي ابتسامة لا أعرف تفسيرًا لها. ربما لأنني موقنة جدًا بأنني لم ولن أقع في حبّها، لكنني لا أستمتع لوقت طويل برؤية امرأة تتراقص على حبال الشهوة ولعبة الشدّ والرّخي، فقررتُ أن أنزلها عن مسرحها وأعطيها بطاقة موقعة مني بأنني ضحية أخرى، مع تنازل تامّ عن حقوقي العشقية، عَلنا نصبح متسوايتيْن في وقوفنا على الأرض بعيدًا عن أية مسارح وألعاب ومواقف دراما محبوكة. لكن مرة أخرى: قد نقضي عمرنا من دون أن نستوعب تمامًا أنّ الصّراحة -أو ربما الصراحة ذات الأهداف غير المعلنة- لا تنفع مع امرأة لا تختبئ خلف كعبها العالي فحسب، بل تفاجئك أيضًا باستغلالها للمواقف حتى آخر قطرة.
“ما تقولي باي، ما حدا بيعرف بكرا شو ممكن يكون مخبي.”
“صحيح. ما حدا بيعرف بكرا شو ممكن يكون مخبي بهالعالم المليان رجال ومولوتوف. أنا قلت باي، مش وداع…”
وابتمست وثغرها تملؤه نشوة النصر يقينا منها بأنها أسرت سجينًا آخر…
من قال إنّ امرأة مثلي لا تتقن اللعب بالنار والمواقف؟
والصداقة هي دائما الثمن! (يتبع…)
- بقلم هيام أرض
Leave a Reply