بيروت “تشذ” مع شاذيها
1,221 views
إحتفلت ست الدنيا بيروت للعام الخامس على التوالي باليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية والتحول الجنسي في “مسرح المدينة” في شارع الحمرا. واختار المنظمون (جمعية “حلم” و مجموعة “ميم”) شعارا مدويا هذا العام هو “انا شاذ/ة”! وعادة ما يتم استخدام كلمة “شاذ/ة” في المجتمعات العربية لتصنيف الأشخاص الشاذين عن القواعد الطبيعية بالمنظار الإجتماعي التقليدي، أي كل من عرف عن نفسه كانسان/ة مثلي/ة، مزدوج/ة الجنسية، متحول/ة، أو حر/ة الجنس (م.م.م.أ.ح). ويقصد من اختيار هذا الشعار، تحويل هذه الكلمة الى صفة تدعو للفخر، لا الاهانة، بمعنى أن الصبر لدى ال “م.م.م.أ.ح” قد نفذ وهبوا ليصرخوا عالياً ”أنا شاذ/ة”! وأنا أيضا شاذة!
ويحمل الشعار في طياته رسائل أخرى، إذ أنه يجمع مجموعة ال “م.م.م.أ.ح” مع كل من يشذون عن القاعدة بشكل أو بآخر، ك”المرأة النسوية، أو العامل/ة الأجنبي/ة، وذوي وذوات الحاجات الخاصة، أو عاملات الجنس، أو المغاير/ة الذي/التي اختار/ت ممارسة الحياة الجنسية خارج إطار العائلة أو الطائفة”. فما يجمع بين كل هؤلاء، التهميش والقمع الاجتماعي، وما يجب ان يفعلوه، هو الاتحاد معا لمواجهة العنصرية الإجتماعية بقبضة من حديد.
افتتح الإحتفال بشريط فيديو يختصر عشر سنوات من النضال في مجال الدفاع عن حقوق المثليين في لبنان. وقد غطى الشريط صوراً من نشاطات عدة نظمها الناشطون وأخرى شاركوا بها كمثليين بشكل علني، أبرزها تأسيس جمعية حلم واحتفالات اليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية، وتأسيس مجموعة ميم، بالإضافة إلى الإعتصام المثلي الرسمي الأول الذي نظم في السوديكو – بيروت سنة ٢٠٠٩ لإستنكار حادثة الإعتداء على رجلين مثليين في الأشرفية.
ثم أقيم منتدى مسرحي تفاعلي بين الممثلين والحضور تمثل بعدة مشاهد تدور حول نظرة المجتمع الدونية للمثليين وعاملات الجنس والمرأة عامةً، بالإضافة إلى مشهد عن طرق ممارسة الضغط على الأفراد من الرجال والنساء للتمثل بصورة معينة ودور معين. وأضفت هذه التجربة المسرحية نكهة فنية وثقافية إلى اليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية والتحول الجنسي هذه السنة.
أما الجزء الأخير من الإحتفال، فتضمن ندوة حول التمييز والتضامن بين أفراد الفئات المقموعة والمهمشة، شارك فيها كل من غسان مكارم المدير التنفيذي لجمعية “حلم”، ورشا مومنة الناشطة في منظمة Human Rights Watch، ونادين معوض الناشطة في حقوق المرأة وعضوة في جمعية “نسوية”، ونرمين الحر.
وتناول غسان مكارم في حديثه موضوع التمييز وحقوق الانسان الإجتماعية حيث يصعب التفريق بينهما بسبب تكملتهما لبعضهما. وتطرق للحريات الجنسية التي تخضع للمصالح السياسية والسياحية التي يتم التغاضي عنها في سبيل جني المال، لكن اا ما اتجهت جهود الناشطين في سبيل التوعية عن الحرية الجنسية، يتم قمعها!
أما رشا مومنة، فقد ناقشت في عرضها قانون العنف المنزلي الذي تعمل على اقراره جمعية “كفى”، وقارنت كفاح ال “م.م.م.أ.ح” وسعيهم لحقوق مدنية وشخصية بكفاح المرأة التي تسعى لقانون يحميها في منزلها. (لمطالعة الموضوع بشكل مفصل: Queering Domestic Violence Law )
اما نادين معوض، فقد طرحت السؤال عن كيفية التحضير لإستراتجية واضحة تنتهجها حركة المثليين والمثليات للمطالبة بالحقوق. وأكدت معوض على ضرورة الوقوف في وجه رهاب المثلية المتفشي في المدارس وشددت على ضرورة دعمنا للشباب في هذه المرحلة، وطالبت الجميع خلال لحظة عفوية ثورية، بالتحلي بالشجاعة والتخلي عن الخوف الكامن في أنفسنا بسبب النظام الذي يحكم محيطنا.
وأخيراً، عرفت نرمين الحر عن عاملات الجنس وطريقة تعاطي مختلف البلاد مع هذه المهنة، واوضحت موقف لبنان من الدعارة بمختلف تناقضاته، واستعرضت بعض المشاكل التي تواجه النساء اللواتي يعملن في هذا المجال.
كان البرنامج جيدا هذا العام، لكن أجمل ما في الأمر، كانت الثقة والفحر الذي اعتلى وجوه الحاضرين، بدلا من الخوف والقلق والرعب الي كان ينتاب العديد منهم عندما بدأنا بالاحتفال باليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية منذ خمس سنوات.
وما ان دقت الساعة السابعة، حتى تجمهر عدد من الشاذين والشاذات المزدانين بألوان قوس قزح امام مسرح المدينة بحضور الصحافيين والمصورين، ورددوا الشعارات المطالبة بالحرية الشخصية والجنسية مثل “مع مين بنام؟” “ما خصك”. كذلك وزع المنظمون بيانا أوردوا فيه المطالب التالية:
“نقول في الوقت للفئات التي تحكم أسس هذا المجتمع وتقيّده، أننا نفخر بشذوذنا عن القواعد التي رسمتموها لنا ونعمل بالتضامن من أجل:
• إلغاء المادة ٥٣٤ من قانون العقوبات اللبناني والتي تُستخدم لمعاقبة العلاقات المثليّة وتشجيع ثقافة خرق الحقوق والإفلات من العقاب، وذلك ضمن إطار قانوني يحمي الحياة الشخصية للأفراد ولا يتدخّل فيها.
• وقف التمييز الموجه ضد المثليين/ات والمتحولين/ات في الجامعات وإعادة النظر في الكتب التي تحض على الكراهية.
• الضغط على مقدّمي الخدمات الصحية في القطاع العام والخاص المجاني والربحي على احترام خصوصية جميع المرضى وتحديداً أولئك الذين يعانون من الوصم الاجتماعي (كحاملي فيروس السيدا)، ووضع حدّ للتمييز الموجه ضد المثليين/ات والمتحولين/ات في الخدمات الصحية وجعل هذه الخدمات متوفّرة للجميع وبشكل متساو، بغض النظر عن الجنس والميول الجنسية أو الجنسية أو الوضع الاجتماعي/الاقتصادي.
• إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة بما فيه إعطاء المرأة حقّها بتمرير جنسيتها لأولادها، الحد من التحرّش والعنف الموجه ضد النساء في المنازل والشوارع و أماكن العمل، والتوقّف عن استخدام جسد المرأة كسلعة جنسية في الإعلانات والبرامج والثقافة السائدة.
• فصل الدين عن شؤون الدولة والتحكّم بحياة الناس، وإقرار قانون أحوال شخصية مدني بعيداً عن سيطرة رجال الدين وإدخال التربية الجنسية الشاملة في المناهج الدراسية من سن الحادية عشرة، واحترام الحريات الجنسية وحريّة اختيار الشركاء والعلاقات العاطفية.
• رفع الحد الأدنى للأجور لما يساهم في تحسين أوضاع المرأة العاملة وفئات أخرى مهمّشة اقتصادياً، ومساواة أجر المرأة بأجر الرجل في جميع الوظائف والمستويات ومنع التمييز في الدخل على أساس الجنس أو الجنسية أو العرق، الخ.
• تطبيق القانون ٢٢٠ المتعلّق بذوي الحاجات الخاصة وإلغاء التمييز الممأسس ضدهم/ن وتأهيل المدارس والشوارع والمرافق العامة والخاصة بما يتناسب مع جميع الاحتياجات.
• الكف عن التمييز ضد العمال الأجانب وإعطائهم حقوقهم الإنسانية كافة، بما في ذلك وقف ما تتعرّض له عاملات المنازل من عنف واعتداءات جنسية وإعطائهن حقوقهن في التمتّع بإجازة إذا رغبن، كما تجدر الإشارة إلى ضرورة إغلاق سجن الأجانب في العدلية حيث تمارس أشد أنواع التعذيب دون محاكمة بحق من لا يملك جنسية لبنانية.
• عدم تجريم عاملات وعمّال الجنس والسماح لهم/ن بتنظيم أنفسهم/ن وولوجهم/ن الخدمات الصحية والاجتماعية.
• رفع التجريم عن مستخدمي المخدرات وتوفير مراكز لعلاج المدمنين بدل زجهم في السجون.
• وقف التنميط لصورة المرأة والرجل والفئات الاجتماعية المهمشة وتقبل الاختلاف في الشكل والطول والوزن ولون العيون والملابس…
• العمل على وضع سياسات بديلة من أجل حماية البيئة”.
وكل عام والشاذون بألف خير!
Leave a Reply