تابو العذرية الرهيب
2,208 viewsمنذ أسابيع قليلة فقط، توقفوا في الأردن عن اجراء “اختبار العذرية” للفتيات قبل الزواج. لكن في بلدان أخرى لم يتوقفوا بعد، ولن يتوقفوا. وما زالت “العذرية المقدسة” مرضا يعشش في نفوس وعقول الشبان والرجال، ويؤرق ويرعب الفتيات. لماذا؟ لأن هذا الغشاء الرقيق السخيف الذي لا يختلف عن أي قطعة جلد أخرى في جسد الفتاة، هو مركز شرف العائلة والقبيلة كلها! هو الشرف الرفيع، وهو دليل الطهارة والعفة! نعم، للأسف، التخلف في عالمنا العربي يصل الى هذا الحد.
في فيلم “سكر بنات” (caramel) اضطرت فاطمة الى اجراء عملية ترميم للعذرية كي لا “تروح ذبح” على حد تعبيرها. لماذا تذبح الفتاة اذا ما أقدمت على تجربة جنسية، ويهنأ الشاب ويوصف ب”البطل” و “الفحل” كلما زاد رصيد تجاربه الجنسية؟
ما هو أصلا “غشاء البكارة”؟ يعرف غشاء البكارة علميا بأنه طبقة جلدية تسد بشكل جزئي فتحة المهبل عند الفتاة.
فهل تستحق هذه القطعة الجلدية، أن تحدد مصير فتاة وحياتها الجنسية ومستقبلها ووجودها، في وقت تولد نسبة غير صغيرة من الفتيات، من دون هذا الغشاء أصلا؟
في مجتمعنا، للأسف نعم. عذرية الفتاة هي التي تحرس شرف الرجال والعائلة، وتصون العرض والمستقبل، لدرجة أن عائلات كثيرة من دول عربية وإسلامية تشترط خروج العريس ومعه دليل عذرية الفتاة في هذه الليلة قبل أن تكتمل الاحتفالات بالزفاف.
عندما قررت الكتابة هذا الأسبوع عن “العذرية”، قمت ببحث سريع كالعادة، عن كلمة “غشاء البكارة” و”العذرية”. ماذا تتوقعن أن النتائج كانت؟ كانت النتائج كلها تقع في خانة “كيف تحافظين على عذريتك” و “العذرية شرف الفتاة” و”هل يمكن لزوجك أن يكتشف أنك لست عذراء؟”. لم أجد موضوعا واحدا، موضوعيا وعلميا عن العذرية. كلها موضوعات تتعامل مع العذرية على أنها ال”تابو” العظيم.
وقد مر في أثناء بحثي قطعة من موضوع ظننت لوهلة أنه موضوعا طبيا علميا عن غشاء البكارة، لكني اكتشفت العكس. يقول الموضوع:
“هناك بعض المشاكل الطبية المتعلقة بغشاء البكارة والتي قد تواجه طبيب أمراض النساء المتخصص فنذكر منها:
- في حالة وجود غشاء بكارة من النوع المطاطي المتمدد قد لا يحدث إلا ألم بسيط أثناء أول جماع بعد الزواج ، وقد لا يحدث نزول دم إطلاقا وذلك لمرونة الغشاء وتمدده وعدم تمزقه. وقد يظن الزوج في هذه الحالة أن زوجته ليست عذراء وكذلك أهلها مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة إلا إن يقنعه الطبيب بالحقيقة”.
لماذا يجب أن تكون العواقب وخيمة اذا ما مارست حياتي الجنسية التي هي حق طبيعي وانساني والهي وأرضي وسماوي و”كل شي”؟ لماذا يجب أن أبرر لزوجي (الذي بدون شك كانت له تجاربه الجنسية غير المحصية قبل وبعد الزواج !) مع من ومتى وكيف ولماذا فقدت عذريتي؟ لماذا يجب أن يتحكم زوجي بحياتي الجنسية التي بدأت قبل أن ألتقيه بسنين؟! لماذا يمكن له أن يفعل ما يحلو له و”ع صباطو”، لكن العواقب تكون وخيمة علي لأني فتاة؟ هل يتوهمون فعلا بكل غبائهم ونفاقهم، أني لم أمارس الجنس يوما من قبل؟ أو أني لم أختبر أي شعور جنسي؟ لماذا يتمتعون بكبتنا وسجننا وتقييدنا وحجزنا والاقفال علينا؟ من يعطيهم هذا الحق؟
في الواقع، للأسف، نحن كفتيات نعطيهم هذا الحق. بخوفنا وجبننا وهربنا من مواجهتهم والقول لهم: أنا حرة في حياتي الجنسية! نحن نكرر نفس الجريمة مع بناتنا، ونربيهن بنفس الطريقة. نحن أخطأنا ونخطيء، ولا يمكن لأحد أن يصحح هذه الأخطاء سوانا نحن. لا سيما أننا بتنا أكثر استقلالية وحرية، وأكثر ثقافة ومعرفة، والأهم، أكثر ثورة.
ويخطر لي سؤال: ألا يعرف هذا المجتمع المنافق، ورجاله ونساؤه المنافقين والمنافقات، أن عددا كبيرا من الفتيات بتن يعشن حياتهن الجنسية كما يحلو لهن، ثم يقدمن قبل زفافهم بليلة، على عمليات ترميم غشاء البكارة تماشيا مع “الهوس الاجتماعي” المريض بعذريتهن؟
بالطبع يعرفون، بالطبع يدركون، لكنهم اما يخافون من التغيير والخروج به الى العلن أمام الأجيال “العتيقة”، واما يستمتعون بسطوتهم الذكورية على عذرية الفتاة.
في الواقع، هناك بعض الرجال ( على قلتهم!) الذين لا يعتبرون أن عذرية الفتاة أمرا أساسيا، فليقولوا ذلك! فليعلنوا ذلك أمام أهلهم وأهل الفتاة، فليربوا أولادهم وبناتهم على هذه الأفكار! لا يكفي أن نؤمن بأمر ما، علينا أن نعلنه ونناضل من أجله. ألا يدرك الرجل أن “شرفه” أكثر من عذرية فتاة؟ وأن “رجولته” هي انسانيته وثقافته ومنطقه وعقله، قبل قدرته على فض غشاء بكارة؟!
أنت وأنت وأنت، يجب أن تؤمنّ بأن حياتكن الجنسية وأجسادكن هي ملك لكن فقط، وفقط أنتن يمكن لكن التحكم بها وممارستها. مارسي الحب عندما تريدين، ولا تمارسيه عندما لا تشعرين بالرغبة، لا لأن المجتمع الذكوري يريد “حراسة” عذريتك! واذا ما تزوجت يوما وسألك زوجك عن الأمر، قولي له: و”بخصوص عذريتًك”؟
Leave a Reply