الـ534 الداخلية
368 viewsمن الواضح ان المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني لا تسمح فقط للشرطة بأن تعتقل المثليين والمثليات، بل هي تشكل دافعا ودعما لكل من يضمر الكره للمثليين. فهذه المادة لا تستعمل لـ”عقاب المثليين” بل تستعمل ايضا لابتزازهم مالياً والتعرض لهم من دون ان يستطيعوا ان يحتموا بالقانون. وكأن المادة في معانيها المتعددة تدفع بالمثليين الى الخروج عن القانون وذلك من خلال عدم التبليغ عن التحرشات الجنسية التي تطالهم، وعن السرقات التي يتعرضون اليها، وعن الذم والقدح والافتراء الذي يعانون منه. حتى أن المادة المذكورة لا تحاكم من يقتلهم ويهدّد بقتلهم. بذلك تبدو المادة 534 كأنها تدعم كل من يسرق وينهب ويتعدى ويقتل. فكيف يضع القانون نفسه موضع شك؟
هل يخدم القانون فقط المواطنين الذين لديهم مواصفات محددة كأن يمارسوا الجنس بطريقة محددة؟ اذا كان الجواب لا، عندها تصبح المادة 534 ثغرة في القانون يجب العمل على ازالتها. واذا كان الجواب نعم، يصح عندها ان نطلق على القانون اللبناني صفة “التمييز” وبالتالي لا خطأ أذا إعتبرنا ان المجتمع اللبناني يشبه المجتمع الالماني أثناء النازية، أي أنه مجتمع عنصري وغير عادل، يبني مخيمات التعذيب للمثليين كما كان النازيون يبنون مخيمات التعذيب والابادة.
ان المادة 534 واضحة في اثارها الخارجية، غير انها تخلق 534 في داخل كل مثلي ومثلية. فالرقابة الذاتية التي يمارسها الفرد في اخفاء او قمع مثليته/ها لها اثار نفسية عميقة ومؤلمة. ان الفرد الذي لا يستطيع التعبير عن ذاته وعن رغباته، يعيش في صراع دائم ويعيش حياة يؤدي فيها دورا غالبا ما يكون مصطنعا ومنهكا. فالرجل المثلي الذي يقوم بالتصرف “كرجل غير مثلي” يقوم بإعادة إنتاج صورة نمطية عن الرجل، وبالتالي يساهم في إستمرار “الذكورية ” التي هي من أسباب وجود المادة 534. والمثلية التي تقوم بإنشاء عائلة ولعب دور المرأة /الام تكون قد سجنت نفسها داخل حياة مليئة بالعذاب والاسرار والخوف. ان هذه الخيارات الاجبارية هي معاقبة ذاتية يختارها المثليون والمثليات بسبب وجود المادة 534 في القانون، الذي يعكس ما المسموح وما الممنوع في المجتمع. فالمثلي او المثلية الت/ذي ي/تعلم م ان الهوية المثلية مرفوضة في المجتمع وتعد “جريمة” يجب المعاقبة عليها، ي/تقوم تلقائيا بمعاقبة نفسه او نفسها على هذه الجريمة من خلال انكارها، وبالتالي الاختباء وادعاء العكس والعيش في صراع داخلي وعذاب دائم.
ما يجب ان يؤمن به المثليون والمثليات، ان المادة 534 وان وجدت في القانون، لا سلطة لديها في تحديد هويتهم كأفراد وأشخاص. ويجب ان نتذكر ان هذا القانون الجائر هو نفسه القانون الذي يسمح بجرائم الشرف ضد النساء، ولا يعطي المرأة الحق بمنح جنسيتها لأطفالها ولا ينظر الى الفرد كمواطن الا من خلال انتماء الفرد الى طائفة ودين محدد. بالطبع، هذه المادة تؤذي العديد منا دونما حق، لكن يجب ان ننتبه الى أن 534 الموجودة في داخلنا أولا. وقبل ان نزيل تلك الموجودة في القانون، يجب الغاء ال 534 الداخلية لأننا عندها فقط نمتلك القوة لنزيل الظلم الموجود في داخلنا وخارجنا. يجب علينا ان لا نخاف، فكلما جاهرنا بما نحن عليه، كلما انتصرنا في هذه المعركة.
ما يجب ان نعرفه ونؤمن به، أنه في النهاية، لا تستطيع 534 ان تزج بمئات الآلاف في السجن !!!
Leave a Reply