تابو الرغبة الجنسية المميت
2,557 viewsانتهى العرس. أصبحت وحدها معه في غرفتهما الجديدة. هو زوجها الآن، زوجها أمام الله والمجتمع والأهل. لكن هل هو زوجها أمام نفسها؟ فكرت بخوف. جلست على طرف السرير ترتجف خوفا، لم تجرؤ حتى على ازالة ال”مايك آب” من على وجهها. صلّت أن تمر الليلة بسرعة، بسرعة كبيرة لدرجة أن لا تشعر بها. اقترب منها، جلس الى جانبها وأمسك بيدها بهدوء. قبلها فوق شفتيها قبلة خاطفة، أشاحت بوجهها عنه، ازداد ارتعاش جسمها، الخوف يتآكلها، ابتعدت عنه.
***
هي فتاة “صالحة” تربت منذ صغرها على أن الفتاة الصالحة لا تشعر بأي رغبة جنسية تجاه شاب أو فتاة. هكذا تكون الطهارة والعفة لدى الفتاة في منظور هذا المجتمع. هي فتاة “ما باس تمها عير أمها”، هذا هو المطلوب منها، ألا تكون لديها أية مشاعر جنسية. في طفولتها، تمنع الفتاة من أن تلمس جسدها، ممنوع! وتضرب على يدها اذا ما ضبطت تتحسس جسمها بدافع الاكتشاف. وفي مراهقتها، وما قبل مراهقتها، تقوم الأم بدور المرشد الجنسي، وفي معظم الأحيان تكون الأم غير مؤهلة لذلك الدور، بسبب غياب التربية الجنسية السليمة في مدارسنا، ما يؤدي الى توريث ثقافة جنسية ناقصة وخاطئة من جيل الى جيل. المهم، تتعلم المراهقة أن جسدها ملك لها وحدها، ولا يمكن إلا لزوجها في المستقبل أن يراه (هذا اذا ما كانت الأم منفتحة جدا وأخبرت ابنتها أن ممارسة الحب تتطلب منها أن تكون عارية!) تتعلم أن تجلس بطريقة محددة، وأن تمشي بطريقة معينة، وأن ترتدي بأسلوب محدد كي لا تثير الفتنة.
تكبر الفتاة وهي تؤمن أن الجنس خطيئة، وأن مشهد القبلة في فيلم ما عيب وحرام، وأن لمسة اليد ذنب كبير، وأن جسدها كنز مرصود لا يجب لأحد رؤيته، وأن أي احساس بالرغبة الجنسية ممنوع ومقموع وعيب وغلط وكارثة! تكبر وهي تؤمن أن الجهل في أمور الجنس وافتقارها للثقافة الجنسية، هي الأمر الصحيح وهي العفة والطهارة والنقاء. تكبر الفتاة مكبوتة، مع كل ما تحمله الكلمة من معاني الآثار النفسية السلبية التي تتضمن الغضب غير المبرر والميل الى الكآبة ونوبات الحزن المفاجئة الخ…
هللويا! حافظت الفتاة على عذريتها هللويا! والآن، تزوجت الفتاة الصالحة البريئة التي لم تر في حياتها رجلا عاريا، ولم تكشف جسدها أمام رجل يوما! لكنها الآن أصبحت متزوجة، عليها أن تتحول في ظرف ساعة، الى امرأة صالحة، تطيع زوجها في الفراش وتتقن ممارسة الجنس وكافة الوضعيات وطرق الاثارة وتفجر كل مواهبها مرة واحدة! والأهم، عليها أن تخلع ملابسها وتستحيل عارية أمامه، في ثوان.
تخيلوا هذا: هو، بكل حريته الجنسية وتجاربه السابقة وخبراته الواسعة، وهي بكل مكبوتاتها وخوفها وخجلها وعقدها وجهلها الجنسي، في مشهد حب! أي حب هذا؟ أي حب وهذه الهوة السحيقة تفصل بينهما؟
نحن في الواقع مجتمع يحترف النفاق. مجتمع يكبت الفتاة لعشرات السنين، ثم يطلب منها في ليلة واحدة أن تتحول الى عاهرة في الفراش لتلبي رغبات زوجها. مجتمع يخرس في العلن، ويفجر كل كبته في السر. مجتمع جاهل، يحرم الثقافة الجنسية في المدارس، ويمارس كل ليلة الدعارة في آلاف المنازل والحانات والشوارع.
ما لا تعرفه الأم عندما تربي ابنتها هذه التربية التقليدية المريضة، هو أن هذه الفتاة ستكره الجنس، وستكره جسدها وستكره جسد شريكها أو شريكتها لاحقا، لأنه بالنسبة لها، رمز الخطيئة وال”تابو” المميت، وستعجز عن الاحساس بالمتعة، وستصاب بالبرود الجنسي.
ولاحقا، في المنزل الزوجي، يتسلم الزوج مهمة التحكم بجسد زوجته. فهو يختار الوقت والطريقة التي يريد لممارسة الجنس، واذا ما عبرت هي عن رغبتها في ذلك، أو تحدثت علانية في الأمر، تصبح “مش مرباية” و”فلتانة”. هو يقود، وهي تتبعه. الجنس هو “واجبها الزوجي”، أحبت أم كرهت، أرادت أم لم ترد. هو يقرر، هي تنفذ.
ولدت، كبرت، عاشت وماتت، جسدها ليس ملكها، ملك لأهلها ومجتمعها وزوجها، لكن لم يكن يوما ملكها.
***
لنكمل القصة …
قال لها “لا تخافي، أنا زوجك الآن”. هو زوجها الآن، عليها أن تسلمه جسدها وأن تنسى كل ما تربت عليه. تغمض عينيها، تشعر به يتسلق جسدها على مهله. يعرّيها من ملابسها، يأخذ كل جسدها. ينتهي، ينهض ويذهب الى الحمام. تفتح عينيها على دمعتين، لم تشعر بشيء، لم تشعر بالحب، كل ما كانت تفكر فيه هو: خلّصني بقى!
Leave a Reply