بخصوص اللا رقابة
1,929 viewsيقول الأديب الفرنسي الكبير ألبير كامو “ان الصحافة الحرة قد تكون جيدة وقد تكون سيئة، لكن بالتأكيد، من دون حرية، لا يمكن للصحافة إلا أن تكون سيئة”. وكما لا يمكن للنهر أن يكون نهرا من دون مياه، لا يمكن للصحافة أن تكون صحافة، وسلطة رابعة، من دون حرية مطلقة في التعبير. ان أهمية وعظمة الفكر الانساني هو في كونه غير قابل للحد، وغير قابل للاحتجاز والسجن خلف القضبان. وأهمية “بخصوص”، أنها قررت أن تكون نشرة حرة، جريئة ومستقلة.
لا أعتقد أن هناك اثنان يختلفان على الحق الطبيعي والبديهي لكل انسان وانسانة، في قول ما يريد أو تريد. بل ان وجودنا كـ “ميم” و”حلم” وكل النشاطات التي قمنا ونقوم سنقوم بها، هي في صلب هذا الغرض: أن نقول بحرية ومن دون قيود: “أنا مثلية”، و “أنا مثلي”، بعيدا عن الخوف والخجل والقلق والهروب.
ان الحق في أن “نقول”، هو حق مقدس، بغض النظر عما نقول. واذا ما وجد أحد أن ما قاله الآخر مهين بالنسبة إليه، أو مجحف أو خاطئ أو ظالم، فمن حقه المقدس أيضا والمحفوظ، أن يرد بما يشاء، وهذا حق كفله قانون المطبوعات في لبنان وفي كل دول العالم. وهي قاعدة نؤمن بها ونطبقها في “بخصوص”.
لا نود الدخول هنا في دهاليز الأسماء والتفاصيل أو الدفاع عن كاتب معين أو مقال محدد نشر في “بخصوص” وأثار لغطا كبيرا. لكن ما نود التأكيد عليه هو مجموعة نقاط:
- ان “العمود” أو column في مصطلحات عالم الصحافة، يعني زاوية معينة مخصصة لكاتب أو كاتبة معين\ة، وهي تحمل سمات الكاتب الشخصية وطباعه وآرائه وأفكاره، والتي لا تعبر بالضرورة عن رأي الوسيلة الاعلامية التي تنشر هذا العامود.
- ان أي عامود أو مقال أو فكرة تنشر في “بخصوص”، هي ثمرة الكاتب\ة الشخصية، وبنت من بنات أفكاره\ا، وليست موجهة ضد أي شخص أو جمعية أو مجموعة.
- ان “بخصوص” تكفل حرية التعبير، بل ان حرية التعبير هي أساس نشأة واستمرار “بخصوص”، ومن المرفوض تماما بالنسبة الينا كأسرة تحرير، أن تتم مطالبتنا بـ”حذف” مقال معين أو حذف أجزاء منه، لأن ذلك يناقض المبادئ الصحافية ومبادئ احترام حرية التعبير، حتى وان كان فيه ما يطالنا كمجموعة “ميم” أو كمجلة “بخصوص”.
- ان “بخصوص” تكفل حق الرد باعتبارها وسيلة اعلامية حرة، ولأننا كما قلنا سابقا، نؤمن أن الطريقة الوحيدة للرد على الأفكار الخاطئة، هي بتقديم أفكار صحيحة بديلة، وليس بمجرد النقد والهجوم.
نحن في “ميم” معتادات على رؤية “النصف الملآن” من الكوب، وعلى نشر الطاقة الايجابية وبث روح التفاؤل، لذلك، ننظر الى أي نقاش أو جدال يحصل على صفحات “بخصوص”، على أنه ظاهرة صحية ومفيدة تفعل التواصل وتستنبت الأفكار وتشجع التبادل وتستثير الحماسة في العمل. كما أننا نؤمن بأن قضية واحدة تجمعنا وجمعية “حلم”، وكلمة واحدة توحدنا وهي: الحرية. الحرية في أن نكون ما نريد، وأن نحيا كما نشاء ونقول ما نشاء. نحن، في “ميم” و “حلم” وياقي الجمعيات المعنية، نحارب ونرفض القيود على ميولنا ومشاعرنا وحياتنا، فكيف يمكن أن نضع القيود على أفكار بعضنا وأقلام بعضنا حتى وان كانت جارحة وواقعية الى درجة الأذية؟
نحن نغضب ونسخر من “الرقابة” التي تحجب “بخصوص” في بعض البلدان، لأنها دليل ضعف في الثقة بالنفس، وجبن وخوف من مواجهة الواقع. فكيف يمكن لنا أن نفرض الرقابة على كتابنا وكاتباتنا؟
ان رد الفعل العنيف على أي مقال، عادة ما يكون نتيجة احتمالين: اما أن الكلام الذي قيل صحيح وبالتالي هو يضع الاصبع على الجرح، وفي هذه الحال لا بد من الاعتراف بنقاط الضعف والعمل على حلها. واما أن الكلام الذي قيل هو خاطئ وفيه تجنّ، وبالتالي لا بد من اللجوء الى حق الرد لتوضيح المسائل وازالة اللغط والغموض.
مشكلتنا أننا لا نتكلم، ولا نتحاور ولا نعرف بعضنا. من حق كل انسان أن ينظر في المرآة ويشتم نفسه ويصرخ في وجه نفسه كي يواجه ضعفه وأخطائه. ومن حق الآخرين أن يصرخوا في وجهه أيضا اذا ما أزعجهم صراخه! فلنصرخ في وجوه بعضنا صرخات حق ومنطق توقظنا من الداخل، بدلا من الصرخات الخالية من أي معنى، فقط من أجل الصراخ!
لذلك، نأمل من الجميع عند قراءة “بخصوص”، أن يقرؤوها بروح ايجابية وبعقل موضوعي وبنفس هادئة تسعى وراء الحقيقة. واذا ما شعروا بأن ظلما ما لحق بهم، فليلجئوا الى حق الرد، ونحن في “بخصوص” نكفل لهم حقهم لأننا نؤمن بما قاله الفيلسوف الفرنسي فولتير ” قد أختلف معك في الرأي، لكني مستعد لكي أدفع حياتي ثمنا لكي تقول رأيك بحرية”.
Leave a Reply